إرادة الإشتباك حول الملف الانتخابي، تجلّت بالأمس، في جولة شهدها المجلس النيابي، سعى من خلالها نواب حزب «القوات اللبنانية» وحزب «الكتائب» ومجموعة مَن يصنّفون أنفسهم في خانة السياديّين، إلى تمرير عريضة نيابية، تُلزم في مضمونها رئيس مجلس النواب نبيه بري، بإدراج اقتراح قانون يجيز للمغتربين التصويت لكل نواب المجلس، وليس للنواب الستة على مستوى القارات الست، الذين يخصّصهم قانون الانتخابات النيابية الحالي للبنانيين غير المقيمين، في الانتخابات النيابية المقبلة. الّا انّ هذه العريضة أُحبطت، كونها لم تسلك مسارها القانوني نحو هيئة مكتب مجلس النواب وفق ما ينص النظام الداخلي للمجلس.
ووفق مصادر موثوقة لـ«الجمهورية»، فإنّ الساعات السابقة لانعقاد الجلسة التشريعية شهدت سلسلة من النقاشات حول العريضة ومراميها، وثمة تساؤلات أُثيرت حول توقيت طرحها والغاية منها، في وقت انّ ملف الانتخابات النيابية يُدرس في لجنة مختصة حول هذا الأمر، وأمامها 6 اقتراحات قوانين مرتبطة بالملف الانتخابي، ومن بينها اقتراح قانون بذات المضمون الذي بُنيت عليه العريضة النيابية والتي حملت توقيعات ما يزيد عن 65 نائباً.
وبحسب معلومات المصادر الموثوقة، فإنّ تنبيهات أُسديت لأصحاب العريضة من قبل نواب وسياسيين وخبراء في الدستور والقانون، تفيد بأنّ العريضة تفتقر إلى السند الصلب لها قانونياً، كونها مثارة في الإعلام، من دون أن تُقدّم إلى حيث يجب ان تُقدَّم، أيّ إلى هيئة مكتب مجلس النواب التي تدرسها وتتخذ القرار في شأنها. كما انّ بعض الخبراء القانونيين نصحوا بتجنّب استفزاز رئيس المجلس في أمر يخصّ صلاحياته، عبر محاولة ابتداع طريقة جديدة في التشريع، تقوم على فرض إدراج القوانين في جدول أعمال الهيئة العامة بالإكراه خلافاً للآلية المحددة في النظام الداخلي لمجلس النواب، فهذا الامر لا يمكن ان يستقيم ونتيجته الفشل المسبق، وخصوصاً أنّ الرئيس بري معروف عنه تصلّبه في هذا الخصوص.
ولم تؤكّد المصادر او تنفِ ما تردّد عن وجود عامل خارجي داعم للعريضة، بدليل التشكيلة النيابية المتعددة الاتجاهات وقعت عليها، الّا انّها لفتت إلى انّ مداخلات صديقة لأصحاب العريضة جرت معهم في الساعات السابقة للجلسة، ونصحت بتجنّب الدخول في معركة خاسرة سلفاً عبر تعلية نبرة الإثارة السياسيّة والإعلامية حول العريضة، وخصوصاً انّ طريق تمريرها مقطوع وليس في الإمكان تحقيقه، وبالتالي من الضروري الآن تأجيل المشكل، خصوصاً أنّ معركة أخرى وكبرى تنتظركم في المدى المنظور، وتحديداً حول ملف سلاح «حزب الله». إلّا انّ هذه النصيحة لم تلق التجاوب الكلّي معها، حيث كشفت المصادر الموثوقة عن اجتماع عقده أحد رؤساء الأحزاب المتبنية للعريضة، حيث أكّد أمام النواب المجتمعين على ما مفاده أنّ العريضة يجب أن نصرّ على إثارتها في الجلسة، رغم انّها لن تمرّ، فإن قُدّر وسلكت نكون قد حققنا إنجازاً كبيراً، واما إنْ لم تسلك، فنكون بذلك قد سجّلنا نقطة سياسية، سواء بالنسبة إلى الداخل او بالنسبة إلى المغتربين.
وعلمت «الجمهورية»، أنّ الأجواء التي سبقت انعقاد الجلسة كانت تنذر بتفجيرها سياسياً، ما استدعى اتصالات مكثفة جرت عشية الجلسة وشملت اتجاهات وكتلاً نيابية مختلفة، تولّاها «احد الوسطاء»، بهدف نزع فتيل التصعيد السياسي في الجلسة، وتزامنت مع مشاورات على غير صعيد سياسي ونيابي ومجلسي، أفضت إلى أمرين؛ الاول، الاستعداد لمقابلة التصعيد إنْ خرج عن مساره السياسي وتعدّاه إلى الشخصي، بما يقابله بذات النبرة وأكثر. والثاني، الاستعداد لإحباط هجوم العريضة بالتسلّح اولاً، بمنطق الاصول والقانون والنظام، وثانياً تجنّب الإستدراج الى حلبة السجال التي يريدونها.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram
نسخ الرابط :