تجار الهلع يبيعون الوهم

تجار الهلع يبيعون الوهم

 

Telegram

 

مع كل أزمة، تسود الفوضى سوق الدواء، وتنكشف مجدّداً هشاشة الرقابة وسرعة تحوّل الخوف الجماعي إلى باب للربح السريع، في بلد باتت الأزمات فيه سوقاً دائمة لبيع الوهم.
 
آخر فصول هذه الظاهرة كان مع تصاعد التوتّر العسكري بين العدو الإسرائيلي وإيران، وما رافقه من حديث عن احتمال تسرب إشعاعي من مفاعلات نووية، أبرزها مفاعل ديمونا القريب جغرافياً من لبنان.
 
هذا القلق الشعبي تحوّل سريعاً إلى فرصة لتجّار الأزمات، الذين سارعوا إلى الترويج لعقاري «إيودين» (Iodine) و«يوديد البوتاسيوم» (Potassium Iodide)، بزعم أنهما يَقيان من تأثير الإشعاعات النووية، رغم أنّ استخدامهما مشروط بظروف محدّدة وتوصيات طبّية دقيقة.
 
وأدّت وسائل التواصل الاجتماعي دوراً كبيراً في تغذية هذا الهلع، عبر منشورات دعائية مضلّلة، أطلقها «مؤثّرون» ممّن «تطفّلوا على مهنتَي الطبّ والصيدلة»، بحسب ما يؤكّد عدد من الصيادلة. إذ أثّر هؤلاء في شريحة واسعة تهافتت على الصيدليات أخيراً لشراء أدوية لا يعرفون متى تُستخدم وكيف.
 
الدكتور الصيدلي سهيل غريب وصف ما حصل بـ«هجمة تعكس قلّة وعي وانسياقاً وراء موجات الذعر»، فيما أشار الدكتور الصيدلي هاني دياب إلى ضغوط مارسها مندوبو الشركات لتسويق هذه الأدوية.
 
ومع امتناع بعض الصيادلة عن الدخول في هذه «اللعبة»، لم يتوانَ آخرون عن الاستفادة منها. إذ لجأ عدد منهم إلى شراء كمّيات من هذه العقاقير من وكلاء أو تجار خارج الأطر الرسمية، ووضعها في الصيدليات لبيعها على خلفية الهلع الشعبي، ما أدّى إلى خلق سوق مضاربة خاضتها بعض الشركات عبر مندوبيها.
 
ورغم التهافت الكبير على شراء عقارَي الـ«إيودين» والـ«يوديد بوتاسيوم»، إلا أنّ غالبية الزبائن لا يعرفون حتى أسماء هذه الأدوية، ولا الفرق بينها، ولا دواعي استخدامها.
 
هذا الانسياق خلف ما تنشره مواقع التواصل، بلا دراية، يُعيد إلى الأذهان مشاهد مماثلة أثناء الأزمات السابقة: من انقطاع دواء «إيفرمكتين» في أزمة كورونا، إلى نفاد عقار «أوزمبيك» بسبب إقبال طالبِي النحافة عليه، حارمين مرضى السكري منه في عزّ أزمة انقطاع الدواء.
 
وبالمثل، كادت فوضى الطلب على الـ«إيودين» والـ«يوديد بوتاسيوم»، خوفاً من خطر نووي محتمَل، تحرم مرضى الغدّة الدرقية من أدويتهم.
 
ويوضح عدد من الصيادلة أنّ الـ«إيودين» السائل، أي المعقّم، وحبوب اليود المستخدمة في علاج فرط نشاط الغدّة تحتوي على جرعة صغيرة جداً من اليود، فيما الجرعة المطلوبة للحماية من التسرّب الإشعاعي هي 500 ملغ يومياً. والأسوأ أنّ تناولها بشكل عشوائي ومن دون حاجة طبّية قد يؤدّي إلى مضاعفات خطرة، تصل إلى الإصابة بالسرطان.
 
أما الدواء المعتمد في حال وقوع تسرّب إشعاعي فعلي، فهو «يوديد البوتاسيوم»، الذي يعمل على حماية الغدّة الدرقية من امتصاص اليود المشعّ. لكنه ليس دواءً وقائيّاً يؤخذ مسبقاً، بل يُعطى فقط عند الحاجة وبتوجيه رسمي من وزارة الصحة. أمّا استعماله المسبق بلا داعٍ طبّي فقد يكون بلا فائدة أو حتى ضارّاً، خاصة لمن يعانون من أمراض في الغدّة الدرقية.
 
ويُجمع الصيادلة على أنّ هذه الأدوية ليست لكل الناس، بل توصف بناءً على تشخيص دقيق لحالة كل فرد.
لذا، فإنّ الإجراءات الوقائية في حال وقوع تسرّب إشعاعي لا تبدأ بالأدوية، بل بإرشادات السلامة العامة التي تصدرها وزارة الصحة، وتحدّد ما إذا كانت هناك ضرورة فعلية لتناول العقاقير، وفي أي وقت وبأي جرعة.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram