في خضم التصعيد الأخير بين طهران وواشنطن، عاد مضيق هرمز إلى دائرة الخطر بعد تلويح إيراني بإغلاقه ردًا على الهجمات الأميركية، ما أثار تساؤلات جدية حول أمن الإمدادات، واستقرار الأسعار، ومصير الاقتصادات الكبرى التي تعتمد على تدفقات الطاقة من الخليج.
فهل تملك إيران فعلاً رفاهية قطع هذا الشريان دون أن تخنق اقتصادها أولاً؟ وكيف تستعد الأسواق والمنتجون الكبار لأسوأ السيناريوهات؟
وصف وزير الخارجية الأميركي تلويح طهران بإغلاق مضيق هرمز بأنه "انتحار اقتصادي". فالمضيق الذي لا يتعدى عرضه 33 كيلومتراً تمرّ عبره يومياً أكثر من 18 مليون برميل من النفط الخام والمكثفات، أي ما يعادل 20 بالمئة من إجمالي صادرات النفط والغاز العالمية، و40 بالمئة من النفط المنقول بحرًا في العالم، فضلًا عن كونه شريانًا يمر عبره 11 بالمئة من حجم التجارة البحرية العالمية.
لكن التهديد الإيراني ليس مجرّد لعبة أعصاب، بل يرتكز إلى قرار سياسي خطير؛ البرلمان الإيراني صوّت بالإجماع على إغلاق المضيق، تاركًا الكلمة الفصل للمرشد الأعلى علي خامنئي، بحسب ما أكده الخبير الدولي في شؤون الطاقة الدكتور ممدوح سلامة.
تُصدّر إيران قرابة 90 بالمئة من نفطها عبر جزيرة "خرج"، و10 بالمئة عبر "جزيرة لافان" وميناء بندر عباس، وهي كلها تقع شمال مضيق هرمز. أي أن إغلاق المضيق يعني عملياً خنق طهران لصادراتها النفطية، التي يذهب معظمها نحو الصين.
ورغم أن إيران دشنت في 2021 محطة "جاسك" على خليج عُمان بقدرة تصديرية تصل إلى مليون برميل يومياً لتكون بديلًا استراتيجيًا، إلا أن هذه المنشأة تبقى عرضة لأي ضربة عسكرية قد تخرجها عن الخدمة.
وبالتالي، فإن خطوة إغلاق المضيق، وإن كانت موجعة للعالم، فهي بمثابة طلقة في القدم الإيرانية من الناحية الاقتصادية، وهو ما دفع واشنطن إلى وصفها بالانتحار الذاتي.
في حال وقوع السيناريو الأسوأ، تملك بعض الدول الخليجية بدائل استراتيجية لتفادي الاختناق النفطي:
السعودية: لديها خط أنابيب "شرق-غرب" الذي ينقل النفط من حقول المنطقة الشرقية إلى ميناء ينبع على البحر الأحمر، بطاقة نظرية تصل إلى 5 ملايين برميل يوميًا. إلا أن الدكتور سلامة أوضح أن القدرة الفعلية لهذا الخط لا تتجاوز 2 إلى 3 ملايين برميل حاليًا، رغم إمكانية رفعها إلى 7 ملايين بتعديلات تقنية.
- الإمارات: تعتمد على خط "حبشان-الفجيرة" الذي يربط حقول النفط البرية بميناء الفجيرة على خليج عمان، بطاقة تصديرية تتراوح بين 1.5 إلى 1.8 مليون برميل يوميًا، وقد تُرفع طاقته أيضًا بقرارات عاجلة.
- الكويت والسعودية والإمارات: تخزن ملايين البراميل في مستودعات استراتيجية حول العالم، من آسيا إلى أوروبا وحتى مصر، في محاولة للحد من آثار انقطاع مفاجئ.
- العراق: لديه خط "كركوك-جيهان" نحو تركيا، متوقف منذ عامين لأسباب سياسية، لكن يُحتمل إعادة تفعيله سريعًا في حال تصاعد الأزمة.
- أما قطر والبحرين، فتعتمدان كليًا على المضيق دون بدائل بحرية مباشرة، ما يجعل موقفيهما الأضعف في حال الإغلاق الكامل.
هل تستطيع إيران إغلاق المضيق فعليًا؟
وفقًا للدكتور سلامة، فإن النقطة الأضيق في مضيق هرمز تبلغ 30 ميلاً، ما يصعّب عملية الإغلاق الكامل من الناحية الفنية. لكن طهران تملك أساليب غير تقليدية لتحقيق الهدف نفسه: مثل توجيه تحذيرات مباشرة لناقلات النفط، أو زرع ألغام بحرية تؤدي إلى انفجار أو احتراق ناقلة واحدة فقط، وهو سيناريو كفيل بشلّ الحركة وخلق ذعر عالمي في أسواق الطاقة.
ويقول سلامة: "الخطر حقيقي. إذا اصطدمت ناقلة واحدة بلغم، فإن التأثير سيكون كارثيًا ليس فقط على أسواق النفط، بل أيضًا على مصادر مياه الخليج العربي، التي تعتمد على التحلية". (سكاي نيوز عربية)
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :