من رسوب إلى نوبل: منجي الباوندي.. درس في الصبر والإصرار
في عالمٍ يقدّس التفوق، ويقيس النجاح من أول خطوة، تأتي قصة العالم منجي الباوندي لتقلب الموازين، وتُثبت أن الفشل لا يعني النهاية، بل قد يكون بداية لأعظم النجاحات.
منجي الباوندي، الكيميائي الأمريكي ذو الأصول التونسية، والبالغ من العمر 62 عامًا، دوّى اسمه في أروقة الأكاديميا والعلم عام 2023، حين حصد جائزة نوبل في الكيمياء، إلى جانب عالميْن آخرين. لكن ما لا يعرفه كثيرون، هو أن هذا الرجل الذي أصبح من أكثر العلماء استشهادًا بأبحاثهم في العالم، قد رسب في أول امتحان جامعي للكيمياء!
نعم، لقد حصل حينها على أدنى درجة في الفصل، وكانت صدمة مبكرة في بداية مسيرته الأكاديمية. غير أن الشاب التونسي الأصل لم ينهزم، بل أدرك باكرًا أن السقوط ليس عيبًا، بل البقاء في القاع هو الفشل الحقيقي. فبدلاً من أن يستسلم، عقد العزم على أن يغيّر واقعه، وبدأ رحلة من الاجتهاد والمثابرة والتحضير الجاد، ليقلب صفحة البداية المتعثرة.
تخرّج الباوندي من جامعة هارفارد عام 1982، ونال الدكتوراه من جامعة شيكاغو عام 1988، ثم خاض أبحاث ما بعد الدكتوراه في مجال المواد النانوية – المجال الذي سيصنع فيه لاحقًا بصمته الخالدة. وفي عام 1990، انضم إلى معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) كعضو هيئة تدريس، وأصبح أستاذًا مشاركًا عام 1996.
ومع السنوات، راكم الباوندي رصيدًا علميًا لافتًا، حتى غدا من أبرز المرجعيات العالمية في الكيمياء، تُستشهد أبحاثه في آلاف الدراسات والمقالات. ولم يكن غريبًا أن يتوج عطاؤه العلمي بعد أربعة عقود على رسوبه الأول، بنيل أرفع جائزة علمية على وجه الأرض: نوبل للكيمياء.
إنها قصة استثنائية تختصر في طياتها رسالة عظيمة:
النجاح لا يعني أن تبدأ قويًا، بل أن تواصل حتى عندما تكون البدايات ضدك.
منجي الباوندي لم يكن خارقًا، لكنه كان مؤمنًا بقدراته، ورفض أن يكون فشله الجامعي الأول هو آخر محاولاته. ومثل هذه القصص تستحق أن تُروى، وأن تُدرّس، لتكون شعلة أمل لكل طالبٍ تعثّر، أو باحثٍ يوشك أن يفقد عزيمته.
فهنيئًا للعلم وللإنسانية بهذا النموذج الفذ،
وهنيئًا لتونس والعرب بمنجي الباوندي،
الذي أثبت أن الطريق إلى نوبل.. قد يبدأ من أدنى نقطة في الفصل.
نسخ الرابط :
