اندلاع الحرب الإسرائيلية – الإيرانية: قراءة قانونية وسياسية في تداعيات النزاع على الشرق الأوسط والعالم

اندلاع الحرب الإسرائيلية – الإيرانية:  قراءة قانونية وسياسية في تداعيات النزاع على الشرق الأوسط والعالم

 

Telegram

 

اندلاع الحرب الإسرائيلية – الإيرانية:

 قراءة قانونية وسياسية في تداعيات النزاع على الشرق الأوسط والعالم

بقلم:الدكتورة رشا ابي حيدر 

اندلعت الحرب بين إيران وإسرائيل رسميًا، بعدما تجاوزت المواجهات الحدودية والتصريحات العدائية إلى عمليات عسكرية مباشرة، طالت البنى التحتية، والمنشآت العسكرية، وامتدت تبعاتها إلى جبهات متعددة عبر وكلاء الطرفين. هذا التحول من حرب باردة/غير مباشرة إلى مواجهة مباشرة يطرح أسئلة مصيرية حول مستقبل الشرق الأوسط، وشرعية الأطراف المنخرطة فيه، وموقع القانون الدولي من الصراع الفعلي.

التكييف القانوني للحرب: انتهاك صريح أم دفاع شرعي؟

وفق ميثاق الأمم المتحدة، لا يُشرّع استخدام القوة إلا في حالتي الدفاع المشروع عن النفس أو بناء على قرار من مجلس الأمن. في الحالة الإسرائيلية–الإيرانية، كلا الطرفين يدعي "الرد على عدوان"، ويستخدم مبدأ الدفاع الوقائي لتبرير الضربات. غير أن الواقع يفرض نفسه: العمليات الهجومية المعلنة من الجانبين تتجاوز الحدود القانونية، وتجري دون غطاء أممي، مما يضعها في خانة النزاعات التي تُدار خارج مظلة الشرعية الدولية، شبيهة بنموذج الحرب الروسية–الأوكرانية.

واقع التحالفات: خلل في التوازن الإقليمي

التحالفات في الشرق الأوسط بدأت تتصدع أمام هذا الواقع الجديد. دول مثل الإمارات والسعودية، التي كانت تسير في مسار تطبيع متسارع مع إسرائيل، تتعامل الآن بحذر شديد. فدعم علني لتل أبيب في ظل حرب مفتوحة مع طهران قد يشعل الشارع العربي، فيما يُعدّ الحياد مخاطرة في ظل احتمال تعرّض مصالحها لهجمات غير مباشرة عبر الحوثيين أو جماعات موالية لإيران.

في المقابل، تركيا تسعى لتثبيت موقعها كمحاور إقليمي يمكنه لعب دور الوساطة، فيما يبدو موقف العراق وسوريا ولبنان هشًا، خاصة مع تنامي الضغط العسكري داخل أراضيهم، واستخدامها كمنصات للصراع بالوكالة.

الممرات الدولية تحت النار: الاقتصاد العالمي على المحك

إيران لمّحت بوضوح إلى إمكانية إغلاق مضيق هرمز، ونفّذت تهديدات ضد سفن مرتبطة بإسرائيل. رد الفعل الدولي كان سريعًا عبر إرسال قطع بحرية لحماية الممرات. قانونيًا، يُعد تعطيل الملاحة في مضيق هرمز خرقًا واضحًا لاتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار. أما عمليًا، فهو إعلان حرب اقتصادية يهدد استقرار أسواق الطاقة، ويفرض إعادة رسم خطوط التجارة العالمية.

قناة السويس أيضًا لم تكن في مأمن، حيث أعلنت شركات شحن دولية تعليق عملياتها بعد هجمات استهدفت سفنًا قرب باب المندب من قبل الحوثيين.

المواقف الدولية: انقسام حاد وتوظيف للصراع

• الولايات المتحدة تُواصل دعمها العسكري والسياسي لإسرائيل، وتبرر ذلك بـ"الدفاع عن شريك استراتيجي".

• روسيا تستثمر الحدث لتوسيع الهوة بين الغرب والعالم العربي، مع خطاب إعلامي داعم ضمنيًا لإيران دون إعلان مباشر.

• الصين تدعو للتهدئة حرصًا على مصالحها النفطية، لكنها تلوّح بضرورة إصلاح بنية الأمن الجماعي الدولي.

الأمم المتحدة، حتى الآن، لم تنجح في تمرير أي قرار ملزم في مجلس الأمن، ما يعكس شلل النظام القانوني الدولي في التعامل مع صراعات بين أطراف غير متكافئة ومتشعبة التحالفات.

البعد الفلسطيني في الحرب

مع اندلاع الحرب، طرحت إيران نفسها كمدافع عن "قضية القدس"، وربطت عملياتها بدعم فصائل المقاومة. غير أن الواقع الميداني يشير إلى أن الجبهة الفلسطينية باتت ورقة تفاوضية أكثر من كونها فاعل مستقل. إسرائيل، من جهتها، وسّعت من ردها العسكري في غزة والضفة، مما قد يؤدي إلى تفكك النظام السياسي الفلسطيني الداخلي، أو إعادة توحيده أمام خطر وجودي مشترك.

نحو نظام إقليمي جديد أو فوضى ممتدة؟

الحرب لم تعد احتمالًا؛ إنها واقع يتشكل الآن ويهدد ليس فقط استقرار الشرق الأوسط، بل فعالية القانون الدولي ومفهوم السيادة. في ظل غياب منظومة أمن إقليمي جماعي، واحتضار شرعية مجلس الأمن كأداة تدخل فاعلة، تبدو المنطقة متجهة إما إلى:

• نظام ردع متبادل غير مستقر على الطريقة الباردة،

• أو فوضى طويلة الأمد تحكمها الاصطفافات الطائفية والعسكرية.

في كلتا الحالتين، سيكون الشرق الأوسط أمام مرحلة إعادة تشكّل ستعيد تعريف الفاعلين، والأدوار، وربما الحدود.

للاقتباس:

"حين تفشل الشرعية الدولية في التدخل، تصبح الحرب أداة لإعادة تعريف القانون نفسه."

 

 

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram