يقرأ رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط الاحداث والتحولات المحلية والاقليمية والدولية جيدا، ويتخذ مواقفه في ضوء قراءته، فاذا اصاب تكون متابعته للتطورات صائبة، وإن أخطأ فيعترف بذلك، وهو من السياسيين القلائل في لبنان الذين يمارسون السياسة بواقعية، وعندما يستدير فلهذا النهج الذي يتبعه، دون ان يحيد عن ثوابته الوطنية والقومية، وهي وحدة لبنان وانتماؤه الى محيطه القومي والعربي، ودعم قضية فلسطين وحق شعبها في المقاومة والعودة.
هذه المبادىء هي التي دفعت جنبلاط ومعه حزبه وانصاره، الى ان يقف في خط محاربة مشروع "الدولة الدرزية" وسبقه الى ذلك والده الشهيد كمال جنبلاط، منذ خمسينات القرن الماضي، وهو اليوم يرفع شعار محاربة تقسيم المنطقة وقيام دويلات طائفية ومذهبية وعرقية، او طلب حمايات خارجية، لا سيما من العدو "الاسرائيلي" الذي قام مشروعه منذ عشرينات القرن الماضي وما بعده على ما سمي بـ "تحالف الأقليات"، وحمايتهم من "الاكثرية السنية" في فلسطين وجوارها، وانهم قوميات، ونجح في ان يستميل افرادًا من دروز فلسطين ويفرض على ابناء طائفة الموحدين في فلسطين المحتلة "الخدمة الالزامية" في جيش الاحتلال الاسرائيلي، وهو ما عمل جنبلاط منذ مطلع العام 2000 على تشجيع "دروز فلسطين" برفضه او الامتناع عن تطبيقه او اقله عدم المشاركة في قمع انتفاضة وثورة وكفاح الشعب الفلسطيني.
هذه الرؤية لواقع الدروز في المنطقة التي تضمهم في لبنان وسورية وفلسطين والاردن، هي بوصلة جنبلاط في العمل الوطني، وهو ما اوقعه في مواجهة مع رئيس الهيئة الروحية لطائفة المسلمين الموحدين الدروز في فلسطين المحتلة الشيخ موفق طريف الذي يقف الى جانب العدو "الاسرائيلي" في حربه على غزة ولبنان، وفي قبوله "حماية الدروز في سورية" من النظام الجديد فيها برئاسة احمد الشرع، وهذا ما خلق تباعدًا وشرخًا بين جنبلاط وطريف الذي قدم نفسه مرجعية للطائفة الدرزية في الشرق الأوسط، وذهب الى دول صاحبة قرار، ليعلن مواقف لا تتفق مع تاريخ الدروز ودورهم وانتمائهم العربي والاسلامي، وما سطروه من بطولات في معارك وطنية ضد الاستعمار وحملات الفرنج، فكانوا يسمون بـ "حماة الثغور" فأتى الشيخ طريف ليطلب لهم الحماية من العدو "الاسرائيلي"، في محاولة لاجتثاث تاريخهم الوطني والقومي، وقلعهم من الجغرافيا.
وتنبه وليد جنبلاط الى الوضع، وواجه الشيخ طريف بمواقف صارمة، واضاء على خطر المشروع الصهيوني التوراتي، وهذا ما تركه يلتقي مع رئيس الحزب الديموقراطي اللبناني طلال ارسلان، الذي يؤكد في مواقفه على تاريخ الدروز العربي، ووقفات رجالهم في معارك الاستقلال في لبنان والدفاع عن فلسطين ورفض التقسيم.
هذا الالتقاء الجنبلاطي - الارسلاني، تجسد في لقاءات وفي لجنة تمثل الطرفين ضمت النائب اكرم شهيب والوزير السابق صالح الغريب، فزارا مرجعيات درزية روحية، للتأكيد على وحدة الموقف من المشاريع المطروحة للمنطقة، ورسم خرائط لها، واستعادة لخطة سايكس - بيكو الأولى التي كانت تقوم على تقسيم المشرق العربي الى "دويلات طائفية" حيث بدأ الحديث عن اعادة النظر في الخارطة السابقة لسايكس - بيكو التي أنشأت الكيانات، وهو ما صرح به الموفد الأميركي الى سورية طوم براك حول إعادة رسم خريطة للمنطقة تسمى بـ "الشرق الأوسط الجديد" الذي يُعمل له منذ عقود، وتحدث عنه نتنياهو بأنه بدأ يتحقق، وان عقبته ايران بعد كسر أذرعتها، فشن الحرب عليها ليدخل في تنفيذ المشروع الذي تنبه اليه جنبلاط بما أسماه "لعبة الأمم" فقرر مع ارسلان الحفاظ على وجود طائفة الموحدين بعيدا عن "حماية الاقليات".
(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)
:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي