جريمة داريّا تضع أزمة الأمراض النفسيّة في الواجهة: الحقيقة المؤلمة

جريمة داريّا تضع أزمة الأمراض النفسيّة في الواجهة: الحقيقة المؤلمة

Whats up

Telegram

 

ليلي جرجس - النهار

استفاقت بلدية داريّا على فاجعة هزّت صباحها الهادئ، حين عثر على ثلاث جثث كان بداية القصة، قبل أن تنكشف فصولها بارتكاب جريمة أقدم عليها المدعو ح.س.، في العقد الثالث من عمره، في حقّ زوجته ر.ف. وابنهما البالغ من العمر ثلاث سنوات، وينهيها بانتحاره.

هذه الجريمة المرعبة قد تفتح الباب واسعاً أمام ما نحن مقبلون عليه من فلتان اجتماعيّ. لسنا في صدد التبرير وإنّما يتوجّب الغوص أكثر في تفاصيل هذه الجريمة، والتي تطرح إشكاليّات عدّة، تبدأ بعجز كثيرين من المرضى على متابعة علاجهم بسبب كلفة الأدوية، وصولاً إلى الهروب من الضغوط بالانزلاق في متاهة المخدّرات والانحراف والسلوكيّات الخاطئة وغير المنضبطة.

لا شيء يوحي بحلحلة قريبة، وربما هذا ما يزيد صعوبة التعايش أكثر في ظلّ التحدّيات والصعوبات التي يواجهها اللبنانيون يوميّاً. لا يمكن قراءة هذه الجريمة من منطلق جرمي فقط، بل من منطلق اجتماعيّ – نفسيّ، لأنّ ما جرى بمثابة إنذار حقيقيّ لما قد نراه في الأشهر المقبلة، في حال استمرّت السياسات الترقيعيّة في معالجة أزمات البلد.

لا يمكن بعد جزم حقيقة ما جرى داخل جدران منزل المدعو ح.س.، وما الأسباب التي دفعته إلى ارتكاب جريمته المروّعة. ولكن حسب الرواية المتناقلة، والتي أكّد عليها رئيس بلدية #داريا عبد الناصر سرحال أنّ "الشاب يعاني من اضطراب نفسيّ، و"معه بالأعصاب"، بالإضافة إلى أنّه مدمن على المخدّرات، فأقدم على خنق زوجته وطفله قبل أن ينتحر. لا يمكن لشخص طبيعيّ أن يقتل طفله وزوجته، خصوصاً أنّ طفله كان متعلقاً به كثيراً ويرافقه أينما ذهب. قد تكون الظروف الصعبة زادت من سوء حالته النفسيّة، ولم يكن يتناول أدويته في الآونة الأخيرة، في حين كان يتعاطى المخدّرات، كلّ هذه العوامل أدّت إلى هذه الكارثة التي أودت بهذه العائلة بكاملها".

أثّرت الأزمة الدوائية في لبنان على شريحة كبيرة من المرضى، وقد يكون ح.س. ضحية عدم قدرته على شراء أدويته. وقد تُعرّي هذه الجريمة الواقع المخيف الذي نعيشه، وما قد ينجم عنه نتيجة توقّف كثيرين عن متابعة علاجاتهم، خصوصاً مرضى الأمراض النفسية. ويشير سرحال إلى أنّ "الوضع صعب جدّاً في البلدة، والجميع في حالة صدمة، ونحن في انتظار ما ستكشفه التحقيقات الأمنية".

غياب الإحصاءات حول نسبة الحالات التي تعاني من أمراض نفسية يمنع مقاربة التحدّيات والمقارنة بالأرقام في السنوات الماضية الأخيرة، خصوصاً منذ بدء الأزمة في لبنان. وبرغم من ذلك، يُقدّر البروفسور المساعد في الأمراض النفسية في مستشفى "أوتيل ديو" وفي قسم الأمراض النفسية في جامعة القديس يوسف رامي بو خليل في حديثه لـ"النهار"، أنّ 80 في المئة من المرضى الذين يعانون من أمراض واضطرابات نفسية وعصبية عاجزون عن شراء أدويتهم في هذه الأيام. 

اذا كنت ترغب بمتابعة اخبار موقع " icon News" اضغط على الرابط التالي :

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

Whats up

Telegram