إستحقاقات ما بعد إطلاق اللوائح الانتخابية

إستحقاقات ما بعد إطلاق اللوائح الانتخابية

Whats up

Telegram

منذ الدقيقة الصفر من صباح اليوم انطلقت مرحلة جديدة من التحضيرات للانتخابات النيابية بولادة اللوائح التي ستخوض السباق الى ساحة النجمة. ولذلك، فإنّ السيناريوهات بدأت تحاكي المؤشرات التي توحي بها حماوة المعركة في كثير من الدوائر حتى فتح صناديق الاقتراع وسط امتحان تخضع له الماكينات الانتخابية وقدرتها على جذب نسبة كبيرة من الناخبين من المناطق الرمادية التي تهدد نسبة المشاركة. وعليه، ما هي المخاوف؟ وهل هي مادية فحسب؟

من المفترض ان نبدأ من اليوم البحث عن المفردات والمعايير التي تواكب المرحلة النهائية الفاصلة عن موعد فتح صناديق الاقتراع في 15 ايار المقبل، باستثناء تلك الخاصة بانتخابات المُنتشرين والموظفين المكلفين ادارة العملية الانتخابية ما بين السادس والثامن والثاني عشر من الشهر عينه. وتنصرف الماكينات الانتخابية منذ هذه اللحظة الى التوسع في نشر برامجها وأفكارها وسبل إحصاء الناخبين لفرزهم بين مؤيد ومعارض ومتردّد وطريقة استقطاب أكبر فئة من المدعوين الى المشاركة في الانتخابات التي انتهت إليها الدراسات المختلفة وأظهرت نسبة المترددين عالية. وبالإضافة الى الحديث الجدي منها عن فوارق مهمة بين دائرة واخرى، وان اختلفت الاسباب المؤدية اليها فإنّ نسبة «الكذب المحتمل» أو «الكذب البريء» الذي تتحدث عنه ملاحظات المؤسسات الاحصائية ما زال موجودا في تفسيرها لبعض المؤشرات في دوائر تقع تحت سيطرة أحادية لقوى سياسية وحزبية ودينية أو تلك التي تصنف مناطق حساسة.

ومع تقدير الخطأ الذي يمكن ان يسمح به في ادق الإحصائيات ويتراوح بين 3 و5 % عند احتساب نسبة المشاركين في العملية الإنتخابية وفرزهم بين مشارك ومعتكف في وقت مبكر عن موعد فتح صناديق الاقتراع، فإنّ هذا الهامش سيتقلص تدريجا كلما اقترب موعد الاستحقاق. ففي كل يوم من الفترة الفاصلة يمكن حل مشكلات البعض المؤدية الى العزوف عن المشاركة في آليات ووسائل مختلفة يمكن اللجوء إليها وفق القدرات المتوافرة للماكينات الانتخابية. وفي انتظار تبيان القدرات التي ستعبّر عنها هذه الماكينات فإن الحديث عن نسبة اللبنانيين الموجودين في المنطقة «الرمادية» أو «المحايدة» ما زال مرتفعاً. وانّ ما أظهره بعض الدراسات من اليوم انها ما زالت كبيرة وتتراوح ما بين 32 و39 % لم يقرروا بعد لمَن ستكون أصواتهم في ظل زحمة اللوائح المتعددة النكهات وفق التصنيفات المعطاة لها شعبياً من دون مراعاة احد وخصوصاً اصحاب العلاقة الذين يرغبون بتصنيفات مميزة لم تقنع الناخبين بعد.

وقياساً على ما يُوحي به هذا الرقم الخطير لحجم المترددين، فإنّ الماكينات الانتخابية ستخوض السباق من اليوم، لتفكيك الاسباب التي أبقت هذا الرقم كبيرا جدا مخافة ان تنهار الجهود السابقة. وهي تستدعي تقويماً لجداول سابقة للناخبين، والبحث عن وسائل جَذبهم عدا عن طريقة توزيع الاصوات التفضيلية بـ»ميزان الجوهرجي» على اعضاء اللوائح بين المتقدمين فيها ومن يحتاجون لـ»الدعم الاستثنائي» بحثاً عن طرق تؤدي الى «التوزيع الدقيق» لها توصّلاً الى تحقيق الكسر الاعلى من الحواصل الذي يرجّح كفة لائحة على أخرى لنيل «مقعد متأرجح».

وبعيداً من الإدعاء بالقدرة في مقاربة ما انتهت إليه الإحصائيات الدقيقة والمحايدة في ظل وجود دراسات «غب الطلب» تنجز لمصلحة هذا الفريق او ذاك، فإنّ المقاربة للأسباب التي رفعت من نسبة المترددين متعددة ولا تقف عند حدود الازمة الاقتصادية والمعيشية وكلفة النقل. فهي في بعض الدوائر ليست سبباً، ولم تعد المشكلة الوحيدة التي رفعت من نسبة التردد والمقاطعة فيها، ما عدا البعيدة عن التكتلات السكانية الكبرى في بيروت والمدن الكبرى وجبل لبنان. ويمكن ان تضاف اليها ظاهرة فقدان البرامج السياسية التي تقود الى خلق «رأي عام جامح» سبق ان خبرته بعض المحطات الانتخابية السابقة عندما غيّر موازين القوى في أكثر من دورة انتخابية سابقة.

ومن هذه النقطة بالذات يمكن القول إن فشل ممثلي ثورة 17 تشرين وما تلاها من حراك شعبي في تبنّي مشروع واحد للتغيير ساهمَ الى حد بعيد في فقدان ما كان متوقعاً من موجة «تسونامي» انتخابية، تؤدي حتما الى إلغاء العناصر السلبية المتأتية عن الازمة المالية والنقدية وغلاء المحروقات. وهو ما أنهى بعض السيناريوهات التي كان يمكن ان تتميّز بها بعض الدوائر. وان كان البعض يعتقد ان في الامكان إحياء بعض منها، فإن جهودا كبيرة يجب ان تُبذل، فليس هناك ما هو مستحيل. وان نجح بعض المساعي فعليه ان يتجاوز مرحلة إقفال باب تشكيل اللوائح منذ صباح اليوم.

ولذلك لا يتردد انصار هذه النظرية في القول انّ المساعي المبذولة لتوحيد قوى التغيير لن تتوقف، وانّ هناك من يسعى الى تحقيق هذه الخطوة ولن يحول تشكيل اللوائح دونها. وهي تركز على ترجمتها انسحابات على مستوى لوائح كاملة، كما هو متوقع في دائرتين. وفي رأيهم إن الاعلام كفيل بتسويق الإنجاز والإضاءة على مثل هذه الظاهرة وان كانت غير مسبوقة في تاريخ الانتخابات.

والى هذه المعطيات فإنّ في الميزان المؤدي الى تحديد المخاوف المؤثرة على نسب المشاركة حديث عن بعض السيناريوهات التي لا تتجاهل الأحداث الامنية الشخصية المتفرقة، والتي يمكن ان يشهدها بعض الدوائر التي شهدت مثيلاتها في الدورة السابقة، وتحديدا في الجنوب وبعلبك - الهرمل حيث تعرّض بعض المرشحين للاعتداء وحالت ظروف أمنية دون السماح بمشاركة مندوبي اللوائح في صناديقهم. وهي أحداث متوقعة في بعض الدوائر الحساسة التي تشهد محاولات إقصاء لبعض القوى وتحجيمها. وأيّاً كانت التدابير الامنية المتخذة واعمال المراقبة الداخلية والأجنبية فإنها لن تحول دون مثل هذه الممارسات الشاذة المتوقعة. فبدايات التخوين لبعض المرشحين، في اعتبار ان من لا ينتخب بعض اللوائح هم من عملاء الولايات المتحدة الاميركية واسرائيل. وهي اتهامات بدأت تطل بقرنها من بعض المواقع الحزبية والرسمية على حد سواء. كما الحديث عن الاموال الانتخابية التي قدرت بالملايين فهي تصبّ في الاتجاه عينه وتمهّد لمنع البعض من ممارسة حقهم الانتخابي اذا فشل التحشيد المذهبي والسياسي والحزبي من ان يؤدي الغرض المطلوب منه، او إذا حصل اي «تمرد» متوقع على هذه العقلية.

على هذه القواعد وانطلاقا من هذه المخاوف تتعدد الاستحقاقات التي تلي خطوة إقفال الترشيحات وهي تفتح الطريق امام اخرى ستشهد البلاد نماذج منها من الآن وصاعدا. فبعض التحالفات غير الطبيعية وغير المنطقية التي أنجزت لن تؤتي ثمارها. وانّ الاجواء في بعض الدوائر حيث طبخت توحي بإمكان وجود حالات تمرد لا يمكن لجمها وهي إن لم تؤد الى الانتخاب بغير الوجهة المنشودة في أجواء طبيعية فإنها تعزز نسبة العزوف وعدم المشاركة.

اذا كنت ترغب بمتابعة اخبار موقع " icon News" اضغط على الرابط التالي :

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

Whats up

Telegram