عمالقة التكنولوجيا يكشفون زيفهم: المعيار الوحيد... رضى الإمبراطورية

عمالقة التكنولوجيا يكشفون زيفهم: المعيار الوحيد... رضى الإمبراطورية

Whats up

Telegram

مفارقة كبرى أن تعلن «فايسبوك» أنها ستسمح بخطاب يدعو إلى العنف ضدّ «الغزاة الروس» على منصتها. هكذا، ببساطة، أحلّت "آلهة" التواصل الرقمي أمراً كان محرّماً. والأكثر وقاحة، أن يقابل الرئيس الأميركي، جو بايدن، 30 نجماً من المؤثرين على منصة «تيك توك» عبر تطبيق «زووم» لتلقينهم معلومات أساسية حول الحرب الجارية في أوكرانيا. كما قام موظفو مجلس الأمن القومي، والناطقة باسم البيت الأبيض، جين ساكي، بإطلاع الـ«تيك توكرز» على الأهداف الاستراتيجية للولايات المتحدة في المنطقة، وكيف سيكون ردّ فعلها على استخدام روسيا للأسلحة النووية. ذلك أن الإمبراطورية تعلم أن التلفاز بات من حقبة الديناصورات، وجيل الألفية (millennials) والـ«Generation Z» يتكوّن وعيهم السياسي عبر الـ«Reels» وتغريدات على «تويتر».

إنه اليوم الـ20 للحرب. الغرب كله، بأدواته الرقمية والعسكرية، اصطفّ خلف أوكرانيا. مواقع إلكترونية أوكرانية تتلقّى تبرعات من الـ«بتكوين» لشراء منظومة الـ«جافلين» (قاذف صواريخ مضادّ للمدرعات، أصبح أسطورة اليوم، وبات يلقب بالقديس جافلين Saint Javelin). و«NFT» عبارة عن علم أوكرانيا تباع في مزادات رقمية مقابل عملات «إيثيريوم». إيلون ماسك، مالك شركة «تسلا» و«سبايس إكس»، يرسل أجهزة نظام «ستارلينك» (تقنية تبثّ الإنترنت من الفضاء ويلتقطها صحن لاقط صغير على الأرض) إلى أوكرانيا بعد 48 ساعة من طلب نائب الرئيس الأوكراني. «يوتيوب» يوقف بثّ القنوات الروسية الرسمية عن وجه الإنترنت، «تيك توك» يتوقف عن العمل داخل روسيا، «فايسبوك» تسمح للمستخدمين بنشر خطاب الكراهية والقتل بحق الجنود الروس وبحق كلّ من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو. إنها حفلة جنون رقمية. ثم تذهب «غوغل» أبعد من ذلك، إذ أوقفت صاحبة تطبيق «خرائط غوغل» بثّ الازدحام على الطرق الأوكرانية، لأول مرّة في تاريخها خلال حربٍ جارية. هذه الخدمة تعمل عبر جمع البيانات بشكل مجهول من الهواتف الذكية التي تشتغل تحت نظام «أندرويد»، وحين يتجمّع عدد كبير من الناس مع هواتفهم على طريق معيّن، تتحول تلك البيانات إلى شكل ازدحام مروري على التطبيق. في تقرير نشره موقع «TheVerge»، يقول أحد الخبراء إن مثل هذه البيانات يمكن أن تقدّم نظرة ثاقبة لتقدم «الغزو». وقال أحد خبراء الاستخبارات مفتوحة المصدر (OSINT)، إنه شاهد علامات الغزو الروسي في وقت مبكر بعد اكتشاف «ازدحامات مرور» غير عادية على الحدود الأوكرانية على خرائط «غوغل». وقالت «غوغل» إن قرار تعطيل الميزة المذكورة تمّ اتخاذه لحماية سلامة المستخدمين المحليين بعد التشاور مع السلطات الأوكرانية، وفقاً لـ«رويترز». عملياً، تريد «غوغل» منع الجيش الروسي من تقفّي أماكن تجمع المقاتلين الأوكران، كون غالبيتهم يحملون هواتفهم. يُذكر أنه في مطلع عام 2020، قام فنان ألماني يدعى سيمون ويكرت، بخداع «خرائط غوغل»، عبر اختلاق ازدحام مروري غير حقيقي، حيث تمشى في أحد شوارع العاصمة برلين، وهي فارغة تقريباً من السيارات، واضعاً 99 هاتفاً ذكياً في عربة يجرها خلفه، الأمر الذي جعل التطبيق يظهر لمستخدميه ازدحاماً في الشوارع التي يمرون فيها.

في شهر أيار من العام الماضي، شنت آلة القتل الإسرائيلية حرباً عنيفة على غزة، وقامت كلّ من «فايسبوك» و«تويتر» بحظر أو تقييد ملايين المنشورات والحسابات المؤيدة للفلسطينيين في أغلب الأحيان. وعندما اتهم الناشطون من جميع أنحاء العالم المنصات بالانحياز، ألقت الشركات باللوم على خلل في خوارزميات الذكاء الاصطناعي لديها. هي معايير مزدوجة، وما منصات التواصل الاجتماعي سوى أذرع الإمبراطورية لتصدير سردية واحدة يجب أن تكون السائدة إن كان عبر تلفاز أو صحيفة أو فيديو على «تيك توك». ثمّ، من الذي يمنع ويسمح في الأصل؟ من الذي يحدّد ما يمكن أن يتفوه به المرء من عدمه؟ الديكتاتوريات، السلطات، تختلف التسمية، لكن القوة في الجوهر هي ذاتها. يمكن أن يتمّ تكويرها ووضعها في يد حاكمٍ ما، أو أن يتمّ توزيعها بشكل ديموقراطي، وتغلّف بأشكال براقة تسمّى تطبيقات ومنصات وبيروقراطيات... حرّاس بوابة الأصفار والآحاد.

في مقال نشرته صحيفة «واشنطن بوست»، أشارت إلى أن البيت الأبيض كان يراقب عن كثب صعود «تيك توك» كمصدر إخباري مهيمن، وهذا الأمر أدى إلى التواصل مع مجموعة مختارة من الأسماء الأكثر نفوذاً على المنصة، لتنظيم إحاطة تهدف إلى الإجابة عن أسئلة حول الصراع ودور الولايات المتحدة فيه. يمكن القول إن هذا النزاع العسكري بالتحديد، كشف بشكل سافر، كيف يعمل عالم الديجيتال كله لخدمة الغرب، وكيف تعسكرت الشركات الخاصة خلال ساعات، حتى وصل الأمر بإيلون ماسك، أمس، عبر حسابه على «تويتر»، إلى أن يتحدى بوتين في «مبارزة» شخصاً لشخص، والخاسر يغادر أوكرانيا. وتجدر الإشارة إلى أن ماسك، وخلفه
موظفو «سبايس إكس»، عمدوا إلى إعادة تشفير بثّ الإنترنت الموجه إلى الصحون اللاقطة لأجهزة «ستارلينك» في أوكرانيا، بعد أن قام الجيش الروسي بالتشويش عليها (Jamming)، ومن ثمّ قام ماسك بتحدي الجيش الروسي أن يعطّل بث الإشارة مجدداً. وكلّ ذلك عبر «تويتر».

اذا كنت ترغب بمتابعة اخبار موقع " icon News" اضغط على الرابط التالي :

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

Whats up

Telegram