الثقافة العامودية…

الثقافة العامودية…

Whats up

Telegram

الثقافة العامودية
قدمت الثقافة القومية استقالتها من ميادين الصراع عندما قررت التحالف مع الثقافة العامودية ، واختارت ركوب أحصنة السباق للفوز بالسباق الموسمي ، وتصالحت مع مشاريع الجوائزالمُعدّة من قبل أشباه المثقفين وكبار الرأسماليين ، والإقامات الذهبية ، ورضيت بحفلات التوقيع الفوضوية التي يتساوى فيها الصالح مع الطالح. وقد تكتب المناسبة  حظا للطالح إذا كان من أصحاب الألقاب والعلاقات المشبوهة وغير المشبوهة . 
فقدت الجوائز وحفلات التوقيع معناها عندما أصبحت للألقاب والميسورين ، والأتباع ، ولم تعد للنص الابداعي ولا للموقف الراقي ، ولا للكتاب الذي يحاكي الواقع من منظور التعبير عن روحية الجماعة .
فقدت الثقافة  القومية دورها لما فقدت هويتها ، وابتعدت عن التعبير عن قضايا الأمة والوطن ، وراحت تفتش  عن موقع في متاريس التعصّب وساحات الكيانية ، وتحولت الى ثقافة الأمر الواقع الذي رسمته الارادات الخارجية ، وتآلفت مع وقائع الجمود ، ولم تحاول إختراق الخطوط الحمر التي رسمتها سايكس بيكو والثقافة العامودية .
للخروج من النفق علينا أن نذهب الى محراب الثقافة ونتلو بيانات  اعترافاتنا ،  محاولين غسل الذنوب، ليس على طريقة كان ما كان  وندمنا ،وسيكون الآتي حفيد الذي كان .
لا يمكن لنا أن نكون كما يجب أن نكون إلا إذا بدأنا من حيث انتهى العظماء ، وليس من حيث انتهى الأقزام الذين يتباهون بأنهم ورثة العظماء .
نحن انغمسنا بالانبهار بإبداع المبدعين ، واخترنا نهج الحديث عن ما فعله الكبار ، فكان التقدير الكبير للأشخاص " جبران خليل جبران ، أمين الريحاني ، سعيد عقل ، سعيد تقي الدين  مي زيادة ...... وغيرهم من الأسماء الكبيرة التي تستحق الاحترام والتقدير ، لكننا حتى اللحظة لم نقرأ عن مؤسسات فعلت في المجتمع فكرا وصناعة وغلالا وأنتجت مواسما متاعقبة تحاكي التغييرات التى تُصيب الوقائع ،فتكون خطا يتطور وينهض بالأمة .
حتى الأحزاب المتنكبة مسؤولية التطوير والابداع لم تستطع إنشاء خطا فكريا يحاكي مصلحة المجتمع ، بل كانت تعمل بخطة الدفقات المترافقة مع المناسبات . 
قد يقول بعضهم أنك تبالغ ، والمبالغة من صفات العاجزين وغير المدركين لحركة المجتمع ،فقد شهدت بلادنا مجموعة كبيرة من المؤسسات التي حفرت في صخور العقول المتحجرة  وأنتجت إبداعات كبيرة .
لا أريد الخوض في جدال  بيزنطي ، فالوقائع تُسكت الادعاءات .
تصدف أحيانا أننا نقرأ نصا نقديا رائعا يصفنا بما نحن ويدفعنا الى التغيير ،كُتب في مطلع القرن العشرين ، شعور واحد ينتابنا على تنوع اتجاهاتنا الفكرية والسياسية ، هو أن النص كتب على مواقع التواصل الاجتماعي منذ يومين .
أفلا يكفي هذا المثل لنقول :
أننا ملوك الابداع في كل المجالات كأفراد وأشخاص ، وأننا ملوك الانحطاط في محاولات إنشاء المؤسسات التي تحتضن المبدعين ليُنجزوا وظيفة التغيير في الأمة وفي الوطن .
لكي تنشأ المؤسسات يجب أن تتوفر مجموعة من الشروط والعوامل ولكي تنجح المؤسسات يجب أن يديرها العقول المبدعة التي تؤمن بأن التغيير في المجتمع وظيفة المؤسسات التي يتنكب المسؤولية فيها المبدعون الكبار  وليس وظيفة الأفراد الذين مهما حاولوا ومهما كانوا صادقين لن يكتب لهم النجاح .

 
سامي سماحة 
 

اذا كنت ترغب بمتابعة اخبار موقع " icon News" اضغط على الرابط التالي :

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

Whats up

Telegram