"صفقة الترسيم".. حزب الله مُطالب بموقف

Whats up

Telegram

خلال مقابلته التلفزيونية "المتّفق عليها" سلفاً، كان عاموس هوكشتاين، الوسيط الأميركي في ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية مع العدو الإسرائيلي ودوداً أكثر من اللازم، بلّ وصريحاً أكثر من المتوقع، أكثر من السياسيين أنفسهم الذين يتعاملون بمكرٍ شديد مع ملف سيادي – وطني بامتياز. لقد باحَ هوكشتاين بما تعجز هذه الزمرة السياسية عنه. هنا، هل ناب الضيف الأميركي عنهم في الإفصاح عمّا يعجزون عن ذكره أم مهّدَ لهم الطريق؟

على هامش المقابلة التي جاءت بالمناسبة في سياق زيارة عاموس هوكشتاين بصفته الرسمية إلى بيروت للتداول بمسائل ذات صلة بملف ترسيم الحدود البحرية و مدّ لبنان بالطاقة، وهي في المناسبة قضايا متزامنة و متداخلة بالنسبة إلى الإدارة الأميركية، أتى على ذكر العرض الأميركي إلى لبنان لترسيم الحدود مع الجانب الإسرائيلي، بوضوح ودون أي لبس: الترسيم سيكون ما بين الخطّين 1 و 23، وهذا يعني عملياً و نظرياً الإطاحة بكلّ الموجودات من مكامن وغيرها تقع إلى الجنوب من الخطّ 23، أو ما يصطلح على تسميته منطقة الخطّ رقم 29 الشرعي والذي راسل لبنان الأمم المتحدة في شأن حقوقه فيه ولو أنه لم يذكره بالإسم. ولا يعقل أن الوسيط الأميركي قد نطق بما تقدّم متجاوزاً الموقف السياسي اللبناني. لقد كرّر الوسيط الأميركي العبارة حول الخطّين المزيفين مرّتين، وهذا إنما ينمّ عن تشديده حول أن نطاق الحل يبدأ بالخطّ 1 و ينتهي بـ 23، أي نظرياً سقف حصّة لبنان هو الـ23، لكن هل الخطّ المشوّه المذكور مضمون؟

 

قطعاً لا، وعلى ما يظهر، يطمح أقلّه الجانب الإسرائيلي إلى إعادة العمل بـ"خطّ هوف". صحيحٌ أن الطرف اللبناني بمرجعياته الرسمية يُنكر أي مسعى للعودة إلى الخطّ المذكور، لكن الإتفاقيات والتفاهمات التي أبرمت مع الجانب الأميركي سابقاً لتمكين المفاوضات غير المباشرة من الحدوث، صبّت في هذا الإتجاه، بعلمٍ من الساسة أجمعين.

اللوم هنا يُفترض أن لا يقع على هوكشتاين، بالنتيجة الرجل عبارة عن وسيط و مستشار يتبع لدولة تبحث عن مصالحها وبالتالي لا يهمّها المصلحة اللبنانية، وإن دقّقنا، لوجدنا انها تهتم أكثر بالطرف الآخر على الجانب الآخر من الحدود المرتبطة بمصالح المشتركة معه، ويجدر هنا بالتالي أن يكون المسؤول "من عندياتنا" أي الأطراف التي تُجالس المسؤولين الأميركيين وتطرح معهم ملف ترسيم الحدود و "لبن العصفور"، وتبازر وتتنازل وتقدم فروض الطاعة وتضع مداولاتها تحت هامش من السرّية.

اللومُ الأكبر في معرض ما يتقدّم على "حزب الله"، بصفته مكوّناً سياسياً رئيسياً يمتلك إلى حدٍّ ما أكبر كتلة نيابية في البرلمان وربما سيمتلك لاحقاً أكبر كتلة أيضاً، و بصفته مقرراً في البلد ولا يمكن تجاوزه بأي حال، وبصفته الطائفية لكوننا في بلدٍ يقوم على المكوّنات المذهبية – الدينية، وبصفته عنصراً دائماً في الحكومة و الحكم، وبصفته و –هذا هو الأساس- مقاومة، وبالتالي عليه تقع مسؤوليةٌ أمام الشرائح الشعبية أقلّها المؤيدة له، التي تؤمن به بصفته مقاومة وتمنحه أصواتها في الإنتخابات وثقتها السياسية على هذا الأساس، وتؤمّن له التغطية من زاوية فعل المقاومة وليس بالضرورة من أسباب إيديولوجية أو سياسية بحتة ولو توفّر ذلك!

خلال مقابلته الأخيرة عبر شاشة قناة "العالم" أوحى الأمين العام ل"حزب الله" السيّد حسن نصرالله بأن الحزب – أو المقاومة – ليس لها علاقة بترسيم الحدود في الجنوب وهذه عبارة فيها تخلٍ عن المسؤوليات للصفات آنفة الذكر، وقد مرّر الأمين العام مبرّراته التي تتصل بنظرة أيديولوجية تتعلق بنظرة "حزب الله" إلى الكيان وعدم اعترافه به، وبالتالي هو ليس مسؤولاً عن ترسيم أراضي الغير أو الأراضي التي يحتلّها، ومن وجهة نظر سياسية، أوكل الحزب للفرقة السياسية الممثّلة في الحكومة و السلطة عملياً مسؤولية الترسيم، مع العلم أننا على يقين –وربما الحزب أيضاً- أن هذه الفرقة لا تقوم على مكسب أو قطعة أرض، ولاحقاً ستطعمنا "ما أكلَ الدجاجُ"، فكيف الحري بنا أن نضع ثقتنا بجهة "غير موثوق بها" وستتنازل عند أقرب فرصة وتبيع للجانب الأميركي او غيره، والشواهد كثيرة ما دام السيد نصرالله، قد ذكرَ بأن الحزب على اطلاعٍ بكامل التفاصيل وموضوعٌ في صورة ما يجري؟

خطيئة "حزب الله" أنه ما زال يضع نفسه خارج عقارب الزمن في ملف الترسيم، ويكرر الخطيئة ويكدّس الأخطاء فوقها منذ حادثة عام 2011 حين اعتبرَ نفسه غير معنيّ بالترسيم فاعتمد مجلس الوزراء الخطّ المشوّه رقم 23 وأودعه الأمم المتحدة تحت المرسوم 6433 وضاعت حقوقٌ تبلغ مساحتها أكثر من 1430 كلم2 لا تقاس بالماء وإنما بما تحتها، ومنذ ذلك الحين يتعاطى الحزب في القضية وفق نفس النظرة: "ترك الدولة تقوم بعملها ونحن خلفها" اي خلف الدولة الشهيرة بالمبازرة وهنا تكمن العقدة في توجهات الحزب الرافض لأي تنازل ومن جهة آخر يوكل المتنازلين أمر ملف بهذا الحجم، هي الأسباب التي توفّر ظروفاً مواتية للفرقة السياسية لكي تُبازر على حقوق لبنان وتبيع وتشتري تحت أعين المقاومة، فيصبح المطلوب من هذه الأخيرة أن توقّع على "صكّ بيع" الحقوق في المياه!

نحن كأهل المقاومة باختصارٍ شديد، لن نقبل أن تنأى المقاومة بنفسها عن موضوع الترسيم، ليس فقط لأنه حقٌ مكتسبٌ لنا بل لأننا نحن من لنا الحقّ في هذا السلاح، وكما أننا نرفض تسليمه للأسباب المعلومة، كذلك نرفض أن تكون المقاومة نائية بنفسها عن ما هو أهمّ نظرياً من مزارع شبعا من حيث الموقع و القيمة و المستقبل.

اذا كنت ترغب بمتابعة اخبار موقع " icon News" اضغط على الرابط التالي :

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

Whats up

Telegram