التأسيس من وجهة نظر مختلفة، التأسيس قدوة ومنارة ليس التأسيس حادثاً بل حدثاً يومياً

التأسيس من وجهة نظر مختلفة، التأسيس قدوة ومنارة ليس التأسيس حادثاً بل حدثاً يومياً

Whats up

Telegram

بقلم سامي سماحة

نُطلّ على التأسيس  هذا العام، من أربعة أبواب وعدد كبير من النوافذ، ولكل باب غاية ووسائل ومنهجية ولو زعم الجميع أنه لهم نفس الغاية ونفس الوسائل ونفس المنهجية، لوكان ذلك صحيحاً فما هي دواعي أن يكون لدينا أبواب أربعة .
 ليس مستغرباً أن تتعدد الأبواب وتتعدد النوافذ، ولكن المستغرب كيف تعيش هذه الأبواب متناقضة ومتصالحة، تتناقض في الكلام المسموع وتتصالح عند توزيع المغانم وضرورة الحفاظ على الكيانات، وكأن وجود الواحد ضرورة لوجود الآخرين .
بوابات أربع، بألوان أربع، بتصميم واحد، وشكل واحد . بأربعة مفاتيح، وأربعة عتبات مختلفة .
 نطل على التأسيس بقراءة واحدة وأربع فذلكات .
نطل على التأسيس بخطاب واحد وأربعة أصوات .
كأنه كُتب علينا أن نُشبه لبنان، نتعايش زمن الوحدة ونتبادل التهم الكبيرة زمن الإنشقاق .
ونحن على مشارف التأسيس تطالعنا أزمة واحدة بالمطارحة الأربعة .
أزمة إدارة في المؤسسات العليا .
أزمة سباق بين أصحاب النزعات الفردية لإكتساب الألقاب والوظائف والمسؤوليات والجلوس في الصف الأول .
نأمل أن تُهدينا الأزمة الواحدة في المطارح المتعددة إلى الصراط المستقيم .
سبعون عام لم تكن كافية لنعرف من نحن ولماذا ندخل في أنفاق العتمة زمن الصعاب الكبيرة، 
لم نعرف، لأننا لم نحاول أن نعرف . ولا نريد أن نعرف، لأننا نخاف إذا عرفنا أن تسقط أمامنا قامات كبيرة، وأن يسقط أمامنا تاريخ من زعم أنه من كبار المؤمنين ومن كبار المناضلين، نخاف أن نتأكد من صحة الخبر كي لا نُصاب بخيبة أمل .
أما ونحن على المشارف المطلّة على التأسيس، وجب علينا أن نستحضر التأسيس الأول ومنه ننهل كي نعود إلى البوابة الواحدة .
لم يكن التأسيس الأول على قاعدة الكسب العددي، ولم يقبل التأسيس الأول أية تسوية مع خروج عن الغاية والمبادىء، مهما كان حجمه وقيمته، والألقاب التي نالها من المجتمع، لذلك لم يجد أنطون سعاده حرجاً من العودة إلى ثلاثة بعد أن كان وصل العدد لثمانية، ولم يجد حرجاً في أن يعلن حل الحزب أمام من شك بأمرهم، وكان هذا الدرس القاضي بعدم المهادنة مع أصحاب الأفكار الغريبة والمصالح الفردية .
وكان الدرس الثاني حين عودته من غيابه القسري، حيث لم يهادن ولم يتسامح مع القيادة الحزبية، ابتداءً من الرئيس نعمة تابت إلى عميد التدريب مأمون إياس وعميد الثقافة فايز صايغ، وغيرهم من المسؤولين المركزيين الذين حاولوا التأويل والإجتهاد من خارج العقيدة السورية القومية الإجتماعية . فطردهم من الحزب بعد أن حاورهم لمدة من الزمن .
لا راية فوق راية الزوبعة، ولا إرادة فوق إرادة الحزب .
أُسقطت الراية التي رُفعت حين كان الزعيم في غيابه القسري . ولكن لم تسقط إرادة من أراد أن يُسقط إرادة الحزب الذي تأسس في السادس عشر من تشرين من العام 1932 . ونحن نعيش اليوم بقاياهم في المطارح الثلاثة وفي بعض النوافذ المطلة على التأسيس .
لم يكن التأسيس إنشاء المؤسسات ونقطة الانطلاق فحسب، بل كان التأسيس قدوة ومنارة، ومن لم يتعرّف على قدوة التأسيس وعلى ماهية المنارة يصعب عليه أن يفهم أبعاد السلوكية القومية الإجتماعية، ومن لم يفهم السلوكية القومية الإجتماعية يهون عليه الإنحراف ويهون عليه الانشقاق وتهون عليه التبعية .
التأسيس ليس ذكرى، ننسكب في معانيها كل عام مرة واحدة  وليوم واحد وننساها ما بقي من أيام السنة، التأسيس قدوة نعيشها في كل تأسيس لوحدة حزبية ولمؤسسة حزبية مركزية كانت أو غير مركزية، وفي كل معالجة لمشكلة في أي مؤسسة حزبية .
التأسيس ليس يوماً واحداً .
التأسيس فعل في زمن امتد منذ لقاء الثمانية في العام 1932 حتى استشهاد الزعيم ولم يستكمل حتى اليوم . لذلك وجب علينا نحن السوريين القوميين الإجتماعيين، أن نقرأ مرحلة التأسيس هذه، ليس بما كتبه سعاده فقط، بل علينا أن نقرأها بكل أفعاله وكل مواقفه وكل معاناته وأن نستخلص العبر من كل المعالجات التي اعتمدها لحل المشاكل وفي كل السبل التي اعتمدها لنشر العقيدة السورية القومية الإجتماعية .
لم يكن التأسيس حادثاً لمرة واحدة، بل كان حدثاً يومياً يفعله الزعيم، فيتراكم ليصبح عمارة كبيرة، ولأن سعاده أراد أن يبني وطناً كان من الطبيعي أن يبني عمارات كبيرة في كل ميادين الحياة الفكرية والإقتصادية والثقافية والفنية والعسكرية وكل ما يتطلبه مشروع تجويد الحياة في سورية الطبيعية .
لأننا قرأناه حادثا لمرة واحدة، قصرّنا في استحضار المخارج عندما أصابت الحزب لوثات خطيرة، وفي طليعتها لوثة النزعة الفردية .
نطل على السادس عشر من تشرين الثاني، وجراح الانشقاقات تعمل فينا كما تفعل سكاكين الغدر بأبناء الحياة، تنال من أجسادهم لكنها تعجز من الوصول إلى أرواحهم .
آن لكم أيها السوريون القوميون الإجتماعيون أن تكونوا أبطالاً في معارك تحرير حزبكم من الأوبئة الخطيرة، كما كنتم أبطالاً ورديّتم الخطر عن بلادكم، وكما كنتم أوفياء للأرض والبشر فقدمتم الدماء عن سابق تصور وتصميم، ووقفتم في الصفوف المهاجمة الأولى وانتصرت إرادتكم على كل الأخطار التي استهدفت وجودنا .
 فكتب التاريخ عنكم أجمل ما كتب .
آن لكم أيها الرفقاء أن تتمنطقوا بمناطق سوداء وتسيرون بصفوف بديعة النظام، إلى إنقاذ حزبكم من خاطفيه .
أيها السوريون القوميون الإجتماعيون .
أنظروا جيداً وميّزوا، فالهجمة على حزبكم ليست من خارجه فقط، بل الهجمة الخطيرة هي هذا الانحدار الأخلاقي والمناقبي، وهذا التعصب الانشقاقي، وهذه النزعات الفردية التي نراها كل يوم عند أصحاب الطموحات في الألقاب وكسب المنافع وما يتيسر لهم من تأمين المصالح .

في 14/11/2021
يتبع ...

اذا كنت ترغب بمتابعة اخبار موقع " icon News" اضغط على الرابط التالي :

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

Whats up

Telegram