«حكومة المهمّة» لن تُبصر النور قبل 5 أسابيع

«حكومة المهمّة» لن تُبصر النور قبل 5 أسابيع

Whats up

Telegram

شكّلت خيانة المسؤولين السياسيين جميعهم للإلتزام الذي تعهّدوا به للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في قصر الصنوبر في الأول من أيلول الجاري، ما أوصل الى اعتذار الرئيس المكلّف مصطفى أديب، والى عدم تشكيل «حكومة المهمّة» التي نصّت عليها المبادرة الفرنسية، صدمة للرئيس ماكرون الذي أعلن أنّه «يخجل ممّا يقوم به القادة اللبنانيون»، وفُهم من كلامه أنّه لا يُمكنه بالتالي أن يكون مكان أي منهم، أي أنّهم عليهم أن يُقرّروا بأنفسهم إنقاذ لبنان من الإنهيار.

ولعلّ أكثر ما طمأن قلوب اللبنانيين هو إبقاء ماكرون المبادرة الفرنسية قائمة وعلى الطاولة، كونها المبادرة الوحيدة التي اتُخذت على الصعيد الوطني والإقليمي والدولي. كما أنّه أعطى المسؤولين السياسيين «غير الراضي بالمطلق عن أدائهم»، فرصة أخيرة تمتدّ من 4 الى 6 أسابيع أي الى ما بعد الإنتخابات الرئاسية الأميركية التي تجري في 2 تشرين الثاني المقبل، يعود اليهم الآن أن ينتهزوها، فضلاً عن التزامه بوعده بعقد مؤتمر دولي من أجل لبنان في أواسط تشرين الأول المقبل، وإن لن يكون بالزخم الذي كان يأمله فيما لو تشكّلت الحكومة المنتظرة قبل انعقاده.

والفرصة الجديدة التي أعطاها ماكرون للمسؤولين، لا تعني أبداً أنّه لا يزال هناك ترف الوقت بالنسبة لهم. فالوقت الذي ضاع منذ استقالة حكومة الرئيس حسّان دياب، والمشاورات النيابية قبل الإستشارات، ومن ثمّ تكليف أديب، يكفي لبنان والشعب اللبناني، على ما تقول أوساط ديبلوماسية مواكبة، وخصوصاً أنّ الوضع الإقتصادي المتردّي قد وصل الى حدّ شدّ الخناق على أعناق المواطنين، ولا يُمكن بالتالي تأخير تنفيذ الإصلاحات المطلوبة لأشهر عدّة بعد. غير أنّ واقع الحال، أنّ أي حكومة جديدة وفق مندرجات المبادرة الفرنسية لن تُبصر النور قبل خمسة أسابيع، كون المسؤولين في لبنان سينتظرون استحقاقاً داخلياً يتعلّق بمسألة ترسيم وتثبيت الحدود البريّة والبحرية بين لبنان والجانب الإسرائيلي التي يُفترض أن تبدأ في تشرين الأول المقبل، واستحقاقاً خارجياً يتعلّق بالإنتخابات الرئاسية الأميركية وصدور نتائجها، وإذا ما كانت ستُعيد الرئيس دونالد ترامب الى البيت الأبيض، أم لا.

وفي هذا الوقت، هل ستتمّ الدعوة الى الإستشارات النيابية المُلزمة، أم أنّ الأمر سيستدعي عقد حوار في بعبدا يضمّ رؤساء الأحزاب والكتل النيابية لمناقشة ما آلت اليه الأمور بعد اعتذار أديب واستمرار حكومة الرئيس حسّان دياب في تصريف الأعمال، تُجيب الأوساط نفسها أنّ أي طاولة حوار لن تُعقد حالياً في بعبدا قبل الإستشارات النيابية. وأشارت الى أنّ اعتذار أديب أظهر أنّ رئيس الجمهورية ميشال عون كان على حقّ عندما تمسّك بالتوافق على التأليف قبل التكليف، غير أنّ الأطراف الأخرى لم تُوافقه الرأي وطالبته بتسريع الدعوة للإستشارات. ولهذا أضعنا نحو شهر منذ تكليف أديب في 31 آب المنصرم، الذي قام بمشاورات التأليف من دون أن يتوصّل الى تشكيل حكومة إختصاصيين قادرة على إقرار الإصلاحات الضرورية.

من هنا، قد لا تحصل الدعوة الى الإستشارات النيابية المُلزمة هذه المرّة، على ما أكّدت، قبل إيجاد الحلول المناسبة للعقد الحكومية التي قد تطرأ على مهمّة الرئيس المكلّف الذي سيستلزم التوافق على اسمه بعض الوقت. ومن المتوقّع أن يتمّ الإتجاه بعد ذلك الى تشكيل حكومة تكنوسياسية قادرة على إنجاز الإصلاحات وفق مندرجات المبادرة الفرنسية، سيما أنّ وجود أشخاص مستقلّين يصعب إيجاده في لبنان، مع وجوب أن تُعطي الكتل النيابية الثقة للحكومة الجديدة في مجلس النوّاب.

على كلّ حال، ستكون هذه هي الفرصة الأخيرة أمام المسؤولين السياسيين من قبل الرئيس الفرنسي المكلّف والمدعوم من المجموعة الدولية، كونها تُشكّل الخلاص للبنان، وإلاّ فإنّ الأمر سيذهب لاحقاً الى «تغيير هيكلية النظام في لبنان»، على ما ذكّرت الأوساط نفسها، مستمدّة كلامها ممّا قاله ماكرون في مؤتمره الصحافي الأخير. وبرأيها، إنّ كلامه هذا يعني أموراً عدّة كونه لم يشرحه بالتفاصيل، وما فُهم منه أنّه سيجري العمل على سحب القرار من الأحزاب ومن الطوائف التي تتحكّم بالسياسة في لبنان ولا تعرف أن تحكم هذا البلد وشعبه سوى وفق مصالحها الشخصية…

أمّا إصرار المسؤولين على التمسّك بالشروط الطائفية لتشكيل الحكومة الجديدة، فلن يجعل «خارطة الطريق» الفرنسية تسير على السكّة الصحيحة، على ما أوضحت، وخصوصاً أنّ ماكرون عاتب الحريري على فرض الشرط الطائفي وقال بأنّه أخطأ عندما وضعه، ما يعني أنّ مثل هذه الشروط لا يجب أن توضع في عملية تشكيل حكومة المهمّة الإنقاذية والتي يجب أن تُشكّل من الإختصاصيين وليس من الحزبيين أو المحسوبين على الطوائف.

إلاّ أنّ ولادة حكومة من هذا النوع يتطلّب تغيير النظام، أو بالأحرى تعديل الدستور القائم أساساً على التوزيع الطائفي وفق قاعدة 6 و6 مكرّر. فهل ستقوم فرنسا برعاية مؤتمر تأسيسي جديد يوازي مؤتمر اتفاق الطائف، أو اتفاق الدوحة، أم يكون مغايراً للإتفاقات السابقة في حال لم يتمكّن المسؤولون من تشكيل الحكومة المطلوبة خلال المهلة المحدّدة؟ لا يزال من المبكر جدّاً الإجابة عن هذا السؤال تُجيب الأوساط، ولا بدّ أولاً من سماع موقف الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله من كلام ماكرون عند الثامنة والنصف من مساء اليوم حول أنّه «لا يجب أن يعتقد أنّه أقوى ممّا هو»، وأنّه «لا يُمكن في الوقت نفسه أن يكون جيشاً يُحارب إسرائيل ومجموعة… تُحارب في سوريا وحزباً يحظى بالإحترام في لبنان»، وأنّ «عليه أن يُثبت أنّه يحترم جميع اللبنانيين، وفي الأيام الأخيرة أظهر بوضوح عكس ذلك».

 دوللي بشعلاني - الديار

اذا كنت ترغب بمتابعة اخبار موقع " icon News" اضغط على الرابط التالي :

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

Whats up

Telegram