افتتاحيات الصحف المحلية ليوم الإثنين 28 شباط 2022

افتتاحيات الصحف المحلية ليوم الإثنين 28 شباط 2022

Whats up

Telegram


افتتاحية صحيفة البناء:

مصدر روسيّ: أقيموا المقارنة بين الهجوم الروسيّ على كييف والأميركيّ على بغداد

هل تردّ موسكو على إخراجها من نظام سويفت بوقف ضخ الغاز إلى أوروبا؟
عون يصحّح خطأ ميقاتي.. وبوحبيب: لبنان مع حلّ سلميّ تحت المظلة الأممية

 

 قال مصدر روسيّ لـ«البناء” إن حرباً إعلاميّة هائلة تشنّ لتشويه صورة روسيا والإساءة الى سمعتها، مضيفاً أن موسكو التي اضطرت للقيام بالعملية العسكرية الاستثنائية رداً على تصعيد حلف الناتو الذي وجد آذاناً صاغية من الجماعة الحاكمة في كييف بإغراءات الانضمام لحلف الناتو والتحوّل إلى دولة نووية، وجعل روسيا تحت التهديد ما لم تلجأ لعملية جراحية تحيّد خلالها القوة العسكرية الأوكرانية، وتربط مستقبل أوكرانيا السياسي بأخذ المطالب الروسية المشروعة بحياد أوكرانيا بعين الاعتبار. ويقول المصدر إن جملة من الأكاذيب وجدت طريقها الى الرأي العام تكفي لتوضيحها الدعوة لمقارنة الهجوم الروسي على كييف بالهجوم الأميركي على بغداد.

يقول المصدر إن بغداد أعلنت قبل الغزو الأميركي انها مستعدة للتفتيش الدولي وتوقيع تعهّد بعدم امتلاك اسلحة دمار شامل، كان يكفي مثلها كي لا تتحرّك روسيا بوجه أوكرانيا، لكن ما قدّمه العراق لم يكن كافياً لتجنيبه الحرب الأميركية، متسائلاً من يكون غازياً ومعتدياً ومنتهكاً للمعايير الدولية؟

يضيف المصدر: عندما يقولون إن حرب أوكرانيا تغيّر نظام ما بعد الحرب العالمية الثانية، فهل هذا صحيح؟ أليست حرب يوغوسلافيا التي شنتها اميركا واوروبا الغربية، هي التي غيرت هذا النظام، وفتحت الطريق لضمّ دول أوروبا الشرقية الى حلف الناتو الذي لا يُخفي أن جوهر عقيدته العسكرية هو اعتبار روسيا العدو الأول؟

يقول المصدر: عندما يتحدّثون عن أحوال المدنيين ويشغلون العالم بصورة واحدة لا غير منذ يومين لشقة في مبنى أصيبت ولم يسقط بسببها قتيل واحد، ويقولون إن روسيا ترتكب جرائم حرب، هل يحتاجون للتذكير بالمقارنة مع ما فعلته الحرب الأميركية بالشعب العراقيّ، ليعرفوا إن ما جرى مع روسيا أقل من اشتباك في حي بين جماعتين محليتين، قد يسقط فيه عدد أكبر من الضحايا بين المدنيين، مضيفاً أن روسيا لا تزال تحاول ان تخوض حرباً نظيفة، فلم تستهدف بعد أية منشآت مدنية كمحطات القطار ومولدات الكهرباء ومحطات الاتصالات وشبكات الإنترنت، والجسور والمطارات المدنيّة، وتفادت الأحياء السكنية، ولا يُحرج روسيا الحديث عن عدد محدود للضحايا الذين تعلن عنهم السلطات الأوكرانية فهذا موضع فخرها، وتأمل موسكو ان لا تجد نفسها مجبرة على التورط في شكل من الحرب يصيب المنشآت المدنيّة ويعرّض حياة السكان للخطر.

بالمقارنة يتساءل المصدر عما يتمّ تعميمه حول ضعف التقدّم الروسي والتحليلات التي يسوقها البنتاغون حول تقييم القدرات العسكرية الروسية من جهة والمواجهة الأوكرانية من جهة مقابلة، فيتحدّث خبراء البنتاغون عن صدمتهم لضعف الجيش الروسيّ وذهولهم بالبطولة الأوكرانيّة. ويقول المصدر أليست أميركا هي نفسها التي نعرفها والتي كانت في اليوم الثالث لغزو العراق، المحاصر والضعيف والمفكك والمعزول، لا تزال على أبواب ميناء البصرة في مياه الخليج، ولم تبلغ أطراف العاصمة بغداد الا بعد أسبوعين من بدء الحرب وبعد سقوط آلاف الضحايا، بينما الجيش الروسي يدق أبواب كييف من اليوم الثاني لبدء عمليّته العسكرية رغم كل الدعم المالي والتسليحي والمعنوي الذي يلقاه الجيش الأوكرانيّ، والذي لو توفر مثل نصفه للجيش العراقي لكان الأميركيّون لا يزالون على مرفأ البصرة؟

في تطوّرات مشهد الحرب، كانت عطلة الأسبوع مسرحاً للحرب الاقتصادية، مع توافق واشنطن وعواصم أوروبا على إخراج روسيا من نظام السويفت للتحويلات المالية، وتجميد أصول المصرف المركزي الروسي ومنعه من الوصول الى احتياطاته، إضافة لعقوبات بحق المصارف والشركات الروسية ورجال الأعمال الروس.

أبقت العقوبات إغلاق السويفت أمام روسيا موارباً لعدم التسبب بوقف إمدادات الغاز الروسية إلى أوروبا، لكن لم يعرف ما إذا كانت شدة العقوبات وعدائيتها ستجد الرد عليها بقرار روسيّ بوقف هذه الإمدادات؟

تردّدات موقف رئيس الحكومة ووزير الخارجية المؤيد لأوكرانيا بطلب أميركي والمناهض لروسيا، تواصلت خلال اليومين الماضيين، وكان الأبرز محاولة رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون لتصويب الموقف بما صدر عنه بقوله، إن لدى لبنان خبرة في مثل هذه النزاعات تجعله يدعو لتبني الحلول التفاوضيّة والسلميّة بعيداً عن الحروب والبحث عن الحلول وفقاً لميثاق الأمم المتحدة وقواعد حلً النزاعات بعيداً عن اللجوء للقوة.

لا تزال تطوّرات الحرب الروسية – الأوكرانية في صدارة الاهتمام الداخلي وسط ترقب وقلق شديدين لتداعياتها السياسية والاقتصادية على لبنان وعلى الرعايا اللبنانيين في أوكرانيا، في ظل ما تعانيه من ظروف أمنية وصحية وغذائية صعبة.

وبعدما الانقسام السياسي الداخلي الذي خلفه بيان وزارة الخارجية اللبنانية حيال الحرب الروسية على أوكرانيا وكذلك التوتر في العلاقات اللبنانية الروسية، تعمل رئاسة الجمهورية على احتواء الموقف والتخفيف من حدة الموقف، بحسب ما علمت “البناء”، وذلك بإيفاد مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الروسية النائب السابق أمل ابو زيد الى موسكو لشرح الموقف اللبناني للقيادة الروسية. الا أن مصادر مطلعة على موقف السفارة الروسية في لبنان أشارت لـ«البناء” الى أن روسيا لن تقبل بأقل من بيان من الحكومة اللبنانية تتراجع فيه عن بيانها الأول، لكنها شدّدت على أن روسيا لن تتخذ أية خطوة دبلوماسية ضد لبنان.

وحاول وزير الخارجية عبدالله بوحبيب تقديم مبررات لبيان وزارته، وأبلغ السفير الروسي في لبنان ألكسندر روداكوف بأن لبنان تعرّض لضغوط دولية لإصدار البيان.

في المقابل اعتبر السفير روداكوف أن “بيان وزارة الخارجية اللبنانية لا يراعي العلاقات الثنائية الودية التاريخية بين البلدين”، لافتاً إلى أنه “لن يؤثر على علاقتنا، وفي الأيام الصعبة نعرف من معنا ومن ضدنا”.

وأوضح أن “روسيا لا تنتهج سياسة عدائية تجاه أوكرانيا”، مؤكداً أن “بلاده تمارس حقها القانوني في حماية أمنها القومي والمواطنين الروس في دونيتسك ولوغانسك”.

وعلمت “البناء” أن وزير الخارجية أطلع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على فحوى بيان الخارجية، حيث جرت بعض التعديلات عليه، لافتة الى أنهما تكتما على مضمون البيان النهائي وقررا عدم عرضه على مجلس الوزراء لكي لا يسقط في المجلس بسبب اعتراض مكوّنات أخرى عليه، ما يثير غضب سفراء الدول الغربية في لبنان.

ورجحت مصادر أخرى أن لا يكون الرئيس ميشال عون قد اطلع على البيان، لأن رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل استنكر البيان ورفض مضمونه.

وأكد الرئيس عون أمس، في تصريح أن “موقف لبنان من الحرب في أوكرانيا واضح لجهة ضرورة حلّ الخلافات بالحوار، ولا سيما أنّ لبنان واجه خلافات ومواجهات وأحداثاً أمنيّة صعبة انتهت كلّها بالحوار. لذلك لبنان مع التفاوض السياسي لحلّ النزاع القائم بين روسيا وأوكرانيا وفق المبادئ المحدّدة في ميثاق الأمم المتحدة والقوانين الدولية ذات الصلة التي تتوسّل السبل السلميّة لمعالجة النزاعات بين الدول”.

وتوالت المواقف وردود الفعل السياسية على بيان الخارجية وتفرّد رئيس الحكومة ووزير الخارجية بالقرارات الحكومية لا سيما في ما يتعلق بالسياسة الخارجية التي يجب أن تصاغ في مجلس الوزراء بمشاركة كل مكونات الحكومة، ما يجعل القرار السياسي في لبنان ملكاً لطرف أو طرفين ما يخالف ما ينص عليه الدستور والطائف والميثاقية.

وفي سياق ذلك، أسف الوزير السابق محمد فنيش، لـ«تسرّع وزير الخارجية اللبنانية عبد الله بوحبيب، في إصداره بياناً يدين ما يحصل بين روسيا وأوكرانيا، علماً أنه إذا أردنا أن ندين علينا أن نحدّد وفق أي معيار، هل هو وفق مصلحة بلدنا، أو وفق المبادئ والقيم التي نحملها، أو وفق الأمرين معاً، وعلى أي أساس استند وزير الخارجية في قراءته لما يجري في أوكرانيا، ليعطي موقفاً هو بالحقيقة لا يخدم إلاّ الهيمنة الأميركية”.

وأشار إلى أن “الحكومة اللبنانية، دائمًا في كل البيانات والمواقف، تحدثت عن النأي بالنفس، وما سمعناه خلال اليومين الماضيين من موقف تجاه سياسة غربية، يؤكد بأن وزارة الخارجية تخلت عن النأي بالنفس تحت ضغط الإدارة والسفيرة الأميركية دورثي شيا، وأعطت مواقف دون أن تأخذ بعين الاعتبار مصلحة البلد، علماً أنه عندما يتعلق الأمر باستخدام القيم والمبادئ لإدانة عدوان على سبيل المثال تقوم به الإدارة الأميركية على العراق أو على اليمن أو على أي بلد، لا يكون هناك إدانات ومواقف شجاعة وجريئة”. وأكد فنيش، أن “موقف الوزارة الخارجية حيال ما يحصُل بين روسيا وأوكرانيا مرفوض بالنسبة إلينا، لا سيما أنه لم يتخذ في الحكومة ولا في مجلس الوزراء، ولا يعبّر عن مصلحة لبنان، وهناك قسم كبير من اللبنانيين لا يقبلون به”.

في موازاة ذلك، انشغلت الاوساط الرسمية والشعبية بأوضاع الجالية اللبنانية في اوكرانيا لا سيما الطلاب الذين ينتشرون في مختلف الأراضي الأوكرانية والذين يعيشون أوضاعاً أمنية ومعيشية وصحية وغذائية صعبة في ظل صعوبة تأمين ممرات آمنة لهم لنقلهم الى لبنان.

وفيما تصاعدت وتيرة الحرب العسكرية في أوكرانيا وتوالت المناشدات بإنقاذ اللبنانيين في اوكرانيا، أعلن الأمين العام للهيئة العليا للإغاثة اللواء محمد خير، مساء أمس أنه تم الاتفاق مع السلطات البولندية، وبالتنسيق مع السفارة اللبنانية في بولندا، لاعتماد مركز “جمعية الصداقة مع الأطفال” في منطقة “31wyzcolenia» في العاصمة البولندية وارسو لتجمع وإيواء اللبنانيين الوافدين من أوكرانيا تمهيداً لإجلائهم والعودة إلى لبنان”.

في غضون ذلك وفيما ألقت الحرب الروسية – الاوكرانية بثقلها على الساحة اللبنانية، تزايدت التساؤلات والشكوك بإمكانية إجراء الانتخابات النيابية، وكشفت مصادر سياسية مطلعة لـ«البناء” عن توجه لتأجيل الانتخابات لأسباب عدة تتوزع بين قانونية ولوجستية ومالية وأمنية في ظل الخلاف حول موضوع اعتماد “الميغاسنتير” والدوائر المخصصة للمغتربين، إذ يصر التيار الوطني الحر بحسب ما تشير أوساطه لـ«البناء” على إدخال هذين البندين في قانون الانتخاب مقابل رفض رئيس مجلس النواب نبيه بري وكتل نيابية أخرى كالمستقبل والحزب الاشتراكي أيّ تعديل يطال قانون الانتخاب.

واللافت بحسب المصادر، هو الجمود وعدم الحماسة الذي يطغى على النشاط الانتخابيّ لدى مختلف الأطراف السياسيّة لجهة الترشح والماكينات الانتخابية والتحالفات التي لا زالت كلها طيّ الكتمان. فكل طرف ينتظر الآخر لكي يبادر لإعلان مرشحيه وتحديد تحالفاته الانتخابية كي يبني على الشيء مقتضاه، ما يجعل المشهد الانتخابي مجهولاً.. وما يزيد الغموض والإرباك هو انكفاء الرئيس سعد الحريري وتيار المستقبل عن العملية الانتخابية والسياسية، ما يدفع قوى حليفة للحريري للعمل على تأجيل الانتخابات بما يضمن مصالحها ويحول دون تكبّدها خسائر تؤثر على مواقعها في المعادلة السياسية. لا سيما أن المجلس النيابي الجديد هو الذي سينتخب رئيس الجمهورية الجديد ما يجعل الانتخابات المقبلة مصيرية وحاسمة لجهة رسم شكل وهوية المؤسسات الدستورية الأساسية كرئاسة الجمهورية والحكومة وبالتالي المشهد السياسي برمته.

ولاحظت جهات سياسية لـ«البناء” تراجع الاندفاعة الاميركية بملف الانتخابات النيابية في الآونة الأخيرة وذلك بعدما أجرت السفارة الأميركية في بيروت وسفارات خليجية مؤخراً، سلسلة إحصاءات واستطلاعات رأي في مختلف الدوائر الانتخابية، أظهرت عجز حلفاء الأميركيين والخليجيين في لبنان بحصد الأكثرية النيابية، وأن أقصى ما يمكنهم تحصيله هو بعض المقاعد النيابية في الساحة المسيحية والسنية بعد انكفاء الحريري ومقعد شيعيّ لاستثماره سياسياً ضد حزب الله. وشددت على أن الأميركي يريد استثمار الانتخابات سياسياً ضد حزب الله ولتكوين سلطة جديدة في لبنان تنفذ إملاءاته وشروطه وتزيد في حصار حزب الله وإضعافه في بيئته وفرض الاتفاق الذي تريده “إسرائيل” في ملف ترسيم الحدود.

في المقابل أكد عضو المجلس المركزي في حزب الله الشيخ نبيل قاووق أننا “واثقون تماماً من أنّ الانتخابات القادمة ستشهد مجدداً تأييداً واسعاً ورسالةً واضحةً في تجديد العهد والولاء والتأييد للمقاومة، أما أدوات السفارات وعرب التطبيع فلينظروا ماذا يحصل في أوكرانيا، أنظروا ماذا حلّ بالرئيس الأوكراني، حرّضه الأميركيّون وورّطوه وتركوه يتيماً وحيداً ذليلاً”.

على صعيد آخر، عرض وزير المهجّرين، عصام شرف الدين، مع وزير الزراعة السوري، محمد حسان قطنا، خلال زيارة له إلى سورية، الواقع الزراعي والتحديات التي تواجهه، وكيفية التعاون ودعم القطاع والمزارعين في لبنان، عبر تأمين كميّة من الشتول والأغراس لهم.

وقال شرف الدين: “نتعرّض في لبنان إلى قهر من قبل “إسرائيل” كما نتعرّض إلى سياسة إفقار حكى عنها المبعوث الأممي اوليفيي دو شوتيه هي سياسة متعمّدة ومفبركة وأهدافها أصبحت واضحة، كما أن الدولة السورية عانت ما عانته نتيجة غطرسة الغرب، من ضرب البنى التحتية وهجرة الأدمغة والحصار وقانون قيصر وهدفه تركيع هذا الشعب”.

كما بحث شرف الدين مع وزير الإدارة المحلية والبيئة السوري حسين مخلوف، في الإجراءات المتخذة من قبل الجانبين، “لتأمين عودة ميسّرة وآمنة للمهجرين السوريين في لبنان، وما تقوم به الحكومة السورية لتأمين كل احتياجاتهم ومستلزمات عيشهم في مناطقهم”.

ولفت وزير المهجرين إلى أنه وجد تجاوباً كاملاً من الجانب السوري، آملا أن تدرج الإجراءات على جدول أعمال مجلس الوزراء في لبنان قريباً، “خصوصاً بعد أن جرى إعداد الخطة من قبل الوزيرين صالح الغريب ورمزي المشرفية وإقرارها في الحكومة السابقة”.

بدوره، أشار مخلوف، إلى أنه “أطلع الوزير اللبناني على الأعمال التي قامت بها الدولة السورية من أجل تسهيل عودة اللاجئين والمهجّرين السوريين إلى وطنهم، منها مراسيم العفو التي صدرت، وتأجيل خدمة العلم لمدة ستة أشهر للعائدين، واستخراج الوثائق المفقودة لمن فقدها في دول اللجوء، وتسجيل الولادات الجديدة في سورية، وتوفير خدمات النقل والطبابة وكل ما يلزم لإيصالهم إلى مناطق إقامتهم ودعمهم بمشاريع لتمكين سبل عيش كريم”.

*****************************************


افتتاحية صحيفة الأخبار:

الطلاب اللبنانيون في أوكرانيا: المجازفة الخيار الوحيد

 

«عادت الروح»، أخيراً، إلى والد مريم ونور درويش بعد ساعات عصيبة من حبس الأنفاس فقد خلالها الاتصال بابنتيه اللتين تدرسان في مدينة دنيبرو الأوكرانية، بعدما اطمأن إلى أنهما استقلتا القطار باتجاه مدينة لفيف التي تبعد نحو 70 كيلومتراً عن الحدود مع بولندا حيث لا تزالان تنتظران في الباص الذي سيقلهما إلى «المعبر». لكن قلب الوالد، القلق على مصير ابنتيه، لن يبرد قبل أن تعودا إلى منزله في عكار، لا سيما أن رحلتهما إلى لفيف «كانت مرعبة ومتعبة، إذ أصيبت نور (18 سنة) في قدمها، واضطرت للهروب مع شقيقتها، والسير لأربع ساعات قبل أن تعاودا ركوب القطار ثانية».

لا حل أمام الطلاب اللبنانيين في أوكرانيا سوى المجازفة على الطرقات للوصول إلى بر الأمان عند الحدود مع الدول الأوروبية المجاورة. الانتظار ليس خياراً وارداً لدى كثيرين في ظل عدم تحديد وزارة الخارجية اللبنانية حتى الآن موعداً ثابتاً لإجلاء الجالية اللبنانية. وبحسب نائب رئيس أكاديمية خاركوف الطبية للدراسات العليا، عباس قعفراني، يتجاوز عدد الطلاب في أوكرانيا الـ1100، نصفهم يدرسون في خاركوف، ويتوزّع الباقي في عدد من المدن الصغيرة المجاورة للمدينة مثل دنيبرو، بلطافا، سومي، وزاباروجيا، إضافة إلى العاصمة كييف ولفيف. ومع أن القسم الأكبر من الطلاب لا يزالون قابعين في الملاجئ ومحطات المترو، «إلا أن معظمهم يفضلون المخاطرة وليست لديهم ثقة بأن عمليات الإجلاء ستتم في وقت قريب»، كما قال قعفراني، مشيراً إلى «أنّنا نساعد المجموعات الطلابية التي تقرر المغادرة في حجز بولمانات إلى الحدود مع بولندا التي تبعد 1000 كيلومتر عن خاركوف، وتستغرق 3 أيام بسبب الزحمة». الكلفة تضاعفت 5 مرات، إذ بات صاحب الحافلة يتقاضى 500 دولار بدلاً من 100 دولار في الأوضاع الطبيعية.
الطريق التي سلكها نجلا عضو جمعية أهالي الطلاب اللبنانيين في الخارج شكري حمادة، اللذان يدرسان في لفيف، كانت أكثر أماناً، وإن كانت الرحلة طويلة واستغرقت 15 ساعة للوصول إلى الحدود البلغارية ومن ثم الحدود الرومانية «حيث حلت المبادرات الفردية مكان السفارة اللبنانية هناك، إذ لم يكلف أي من موظفي السفارة نفسه بالحضور إلى الحدود للوقوف على أوضاع الجالية اللبنانية، في حين تولت جمعيات أهلية ومنظمات دولية المساعدة في إجلاء الطلاب، وأتى طلاب لبنانيون من دول أوروبية مجاورة رافعين الأعلام لنجدتهم».
ثمة مشكلتان تعترضان الطلاب اللاجئين إلى الدول المجاورة: الأولى، إمكان حجز رحلة استثنائية من بولندا أو رومانيا أو إيطاليا إلى لبنان بالتنسيق بين وزارة الخارجية اللبنانية والسفارات، والثانية الأوضاع المالية الصعبة لأهالي الطلاب وعدم القدرة على دفع تذكرة السفر، فيما ينتظر الأهالي، كما قال حمادة، الإفراج الفوري عن المساعدة التي قدمتها إدارة حصر التبغ والتنباك (الريجي) والمحجوزة في مصرف لبنان منذ 3 أسابيع، وهي عبارة عن 800 دولار لكل طالب.


مصادر السفارة اللبنانية في أوكرانيا أشارت إلى أن «الوضع صعب جداً والأمور تتأزم يوماً بعد يوم، إذ ليس هناك مكان آمن في أوكرانيا ويتعذر على السفارة جمع الطلاب في مكان واحد». وأضافت أن «هناك ضغطاً كبيراً على الحدود مع الدول المجاورة، والأمل هو في إعلان هدنة حتى يمكن تسيير قافلة الإجلاء». فيما ينفي المحامي نهاد سلمى الذي يتابع أوضاع ابنة شقيقه ورفاقها صحة ما يصدر عن الخارجية اللبنانية من بيانات لجهة تكليف الهيئة العليا للإغاثة بمتابعة الموضوع، و«كل ما يحصل يجري بمجهود شخصي وطوعي من الطلاب».

**************************************

 

افتتاحية صحيفة النهار

 

احتواء عاصفة الخارجية وتجنب “الاستقالة الثالثة”

جهدت الحكومة والعهد معاً في اليومين الأخيرين في لملمة واحتواء العاصفة التي اثارها بيان وزارة الخارجية قبل أيام متضمنا ادانة صارمة للغزو الروسي ل#أوكرانيا بعدما كادت تداعيات هذه العاصفة تهدد بالتضحية بأقرب الوزراء وأكثرهم التصاقاً بالعهد. ذلك انه على رغم استمرار توجيه “حزب الله” خصوصا عبر بعض نوابه ووزرائه ومسؤوليه الانتقادات الى بيان الخارجية، فان معالم احتواء الضجة برزت أولا في إعادة تركيز الأنظار من جانب رئاسة الحكومة ووزارة الخارجية كما من رئاسة الجمهورية على عملية اخراج اللبنانيين العالقين في أوكرانيا ولاسيما منهم مئات الطلاب كأولوية ملحة راهنا تستوجب تركيز الجهود عليها لإتمامها وإعادة اللبنانيين الى لبنان او بلدان أخرى يقصدونها. ثم ان خلفية واضحة برزت في محاولة تبريد واحتواء هذه العاصفة تمثلت في تجنب “التضحية” بوزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب الذي حمى”بصدره” جهات معروفة وقبل ان ترمى عليه تبعات بيان كان نال استحسان الدول الغربية كما الجهات السيادية الداخلية، ولكنه سرعان ما كشف التباسات مريبة لدى تنصل العهد ورئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل منه، فيما لم يجد من يدافع عنه حتى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ولم يذهب بو حبيب نفسه بعيدا في الدفاع عنه. ومع ذلك بدا واضحا ان توافقا ضمنيا حصل بين “مكونات” الحكومة ومع العهد طبعا على تجنب خضّة ما كان ليشكل “صدمة الوزير الثالث” لو تطورت الأمور نحو استقالة محتملة للوزير بو حبيب وذلك بعد تجربتي استقالة وزير الخارجية السابق شربل وهبة في حكومة الرئيس حسان دياب بسبب “تعنته” المقذع للخليجيين في مقابلة تلفزيونية أودت بمنصبه، ومن ثم واقعة وزير الاعلام السابق في الحكومة الحالية جورج قرداحي الذي استقال عقب ضجة مقابلة تلفزيونية أيضا اعتبرت مساً بالعلاقات اللبنانية الخليجية. ومع ان واقعة البيان الصادر عن وزارة الخارجية حول الحرب الروسية على أوكرانيا تختلف بمضمونها وظروفها عن التجربتين السابقتين، فان تمادي الضغط السياسي في ظل تنصل الجهات التي يحسب عليها الوزير بو حبيب بلغت مرحلة كادت تهدد بمشكلة حقيقية ويبدو انه جرى نزع فتيلها.

 

وفي ظل هذه المعطيات أعلن الأمين العام للهيئة العليا للإغاثة اللواء محمد خير في بيان، أنه تم الإتفاق مع السلطات البولندية، وبالتنسيق مع السفارة اللبنانية في بولندا، لإعتماد مركز جمعية الصداقة مع الأطفال في العاصمة البولندية وارسو، لتجمع وإيواء اللبنانيين الوافدين من أوكرانيا، تمهيدا لإجلائهم والعودة الى لبنان، في إطار متابعة أوضاع اللبنانيين في اوكرانيا. وكان رئيس الوزراء نجيب ميقاتي، بعد إجتماعه مع وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب السبت كلف الهيئة العليا للإغاثة القيام بالتحضيرات اللازمة لإجلاء الرعايا اللبنانيين.


 
 

ومساء امس أفيد رسميا انه في إطار متابعته لأوضاع اللبنانيين في أوكرانيا، وبعد ورود أنباء عن محاصرة بعض المواطنين اللبنانيين في مدينة ماريبول الأوكرانية، كلّف وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي، فريق عمل الوزارة التنسيق مع كل من الصليب الأحمر اللبناني والصليب الأحمر الدولي الموجود في أوكرانيا بهدف تسهيل عملية إخراج اللبنانيين إلى بولندا ورومانيا وايوائهم وذلك بدعم من أحد رجال الاعمال اللبنانيين المغتربين، على أن يتم نقلهم لاحقاً إلى لبنان.


 
 

وكان الرئيس ميقاتي تجنب في الكلمة التي القاها السبت في احتفال تكريم الفائزين بالجائزة العربية لافضل أطروحة دكتوراه في العلوم القانونية والقضائية في العالم العربي التطرق الى الضجة التي اثارها بيان الخارجية رغم تلميحات ضمنية اشارت الى دور لميقاتي في اصدار ذاك البيان. واعلن في حضور الأمين العام لجامعة الدول العربية احمد أبو الغيط والأمين العام المساعد حسام زكي ” أن لبنان الذي كان وسيبقى جزءا من العالم العربي،يعيش ازمة غير مسبوقة على كل المستويات، وتحاول حكومتنا حلّها بكل الامكانات المتاحة متكلة على دعم اشقائه العرب واصدقائه في العالم، ومن غير الانصاف تحميل وطننا ما لا طاقة عليه، ونحن ننتظر من أشقائنا العرب أن يتفهّموا واقعنا جيداً، وأن يقفوا إلى جانبنا لتجنيب لبنان الأخطار ولمساعدتنا على تحمّل الأعباء التي فاقت قدراتنا” . وشدد على ” اننا أدركنا منذ البداية أننا غير قادرين على الوقوف في خندق هنا أو على خط تماس هناك. فاعتمدنا سياسة النأي بالنفس تجاه اي خلاف عربي، ونصر على تطبيقها ، والخاسر في كل خلاف او نزاع هو عالمنا العربي الذي لطالما كان ينشد الوحدة، فإذا ببعضه يتقوقع إلى كيانات داخل كل كيان”.


 
 

وفي موقف جديد لافت له من الحرب اتسم بالتضامن مع أوكرانيا كتب امس رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط عبر “تويتر”: “في هذه العاصفة التي تضرب الشعب الأوكراني الذي يدفع ثمن صراعات المحاور الكبرى، الاوروبية والعالمية، أقترح وقفة تضامن من الطلاب العرب هناك وهنا الى جانب الشعب الاوكراني. إن أوكرانيا حضنت أجيالاً من خريجي لبنان والعالم العربي. لا للحرب”.


 
 

وسط هذه الاجراء وفيما اعلن الأمين العام لجامعة الدول العربية احمد أبو الغيط في حديثه الى “النهار العربي” السبت انه سيقوم بزيارة أخرى رسمية لبيروت لاجراء لقاءات مع الرؤساء ومسؤولين سياسيين أكد الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السفير حسام زكي، “دعم الجامعة للمبادرة الكويتية لحل الأزمة بين لبنان ودول الخليج العربي، والتي طرحها وزير الخارجية الكويتي الشيخ أحمد ناصر المحمد الصباح في كانون الثاني الماضي وتلقت الكويت الرد عليها من الجانب اللبناني” . وأمل في تصريح “لوكالة أنباء الشرق الأوسط” المصرية في لبنان، أن “تتحسن الأمور وتتجه إلى الأفضل، والجامعة العربية تتفهم منطلقات المبادرة الكويتية وتواصلت مع الجانب الكويتي والجانب اللبناني سعيا لتجاوز الخلاف وحشد الصف العربي لدعم لبنان الذي يعد ركنا أساسيا في منظومة العمل العربي المشترك”. وأوضح أن “جامعة الدول العربية تتابع بشكل مستمر تطورات الأوضاع في لبنان”، مشيرا إلى “حرص لبنان على إجراء الانتخابات النيابية في موعدها المرتقب في أيارالمقبل”. وأشار إلى أن “الجامعة العربية مستعدة للمشاركة بمراقبين في الانتخابات المقبلة من خلال فريق مدرب ولديه خبرة طويلة”، وشدد على “الدعم المستمر من الجامعة للبنان في الخطوات التي تقودها إلى الاستقرار والعمل لمصلحة الشعب اللبناني”.

 

*********************************************

افتتاحية صحيفة نداء الوطن

 

السفير الروسي يؤنّب “الخارجية”… و”حزب الله” يخوّن بو حبيب

“تكليف شرعي” من دار الفتوى: “الجميع الجميع…” إلى صناديق الاقتراع


 
 

“لا صوت يعلو فوق صوت الحرب” على الساحة العالمية، ولبنان ليس استثناءً في استحضار الانعكاسات المتأتية عنها على ساحته الداخلية، اقتصادياً ومالياً وغذائياً وسياسياً… فأرقام الموازنة العامة لم تعد تطابق حسابات الواقع المستجد من ارتفاع في الأسعار العالمية للمواد الحيوية من قمح وغاز ومشتقات نفطية، والتخندق الدولي بين جبهتي الغرب وموسكو سرعان ما عمّق الشروخ على الأرضية الحكومية المتشقّقة وزادها تصدّعاً وتناحراً بين أركان الحكم والحكومة التي أثبتت في أكثر من محطة واستحقاق أنّ نزعتها السلطوية التحاصصية وضعتها على بُعد أميال ضوئية من مدار الإنقاذ والإصلاح.

 

ولأنّها عملياً باتت أعجز من إحراز أي هدف إنقاذي في الفترة القصيرة الفاصلة عن الاستحقاق النيابي في أيار المقبل، فقد تحول واقعياً إجراء الانتخابات في موعدها الإنجاز الوحيد المنشود من الحكومة وسط محاولات يائسة يبذلها أركان العهد وتياره لوضع مطبات قانونية ومالية وتقنية تفرض إرجاء الاستحقاق، مقابل ميل “حزب الله” إلى اقتناص لحظة يأس الناس وتشرذم صفوف قوى المعارضة والتغيير في سبيل توسيع رقعة سطوته البرلمانية، عبر إقفال ساحته وتعزيز حضور حلفائه على ساحات الطوائف الأخرى، سواء بسعيه الحثيث إلى تأمين رافعة تحالفات لـ”شقل” حظوظ “التيار الوطني الحر”، أو بهجمته الشرسة لتقاسم المقاعد الدرزية مع وليد جنبلاط، أو بانقضاضه الشره على “الصحن السنّي” إثر عزوف “تيار المستقبل”، والرهان على انكفاء سنيّ عن الساحة الانتخابية يُعلي منسوب التصويت لصالح مرشحي سُنّة 8 آذار في بيروت والمناطق، بما يعزز فرصة تكليف شخصية سنّية من المحور الممانع بتشكيل الحكومة المقبلة… لكن في المقابل، استرعى الانتباه أمس إطلاق دار الفتوى دعوة بدت أشبه بـ”تكليف شرعي” لأبناء الطائفة السنية يحضّهم على واجب الإقبال الانتخابي الكثيف… ونزول “الجميع الجميع” إلى صناديق الاقتراع.


 
 

وإذ عدّد مآثر الطبقة الحاكمة التي “أطاحت في سنوات قليلة بكل ما أنجزه اللبنانيون خلال قرن” وتتلطى اليوم خلف نظرية “المؤامرات”، للتغطية على ما اقترفته من “حملات تدمير واحتلال المدينة واغتيال الناس ونهب المال العام وانهيار المصارف على رؤوس المودعين وأموالهم، ودفع ألوف اللبنانيين الأكفاء إلى الهجرة، والإطباق على مميزات لبنان في الجامعة والمستشفى والمدرسة والميناء والمطار والجهاز القضائي”، لفت مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان إلى أنه بعد ذلك كلّه “لم يبق قائماً إلا الميليشيا والطبقة السياسية التي ارتكبت هذا التخريب الفظيع للدولة والمجتمع ولعلاقات لبنان العربية والدولية”، محذراً من خطورة الأجواء التي تشيعها “الجهات المهيمنة” بقولها إنها “ستفوز ولا شيء سيتغيّر”، بوصفه كلاماً “المراد به التيئيس والاستمرار في فرض الأمر الواقع وهو تخريب محض”.


 
 

وبما أنّ “الانتخابات هي سبيل التغيير”، خصّص المفتي دريان حيزاً وازناً من رسالته أمس، لمناسبة ذكرى الإسراء والمعراج، بغية حثّ الناخبين الراغبين بإحداث التغيير إلى عدم “التردد والحيرة”، والإقبال على “التصويت الكثيف” لأنه يجسد “رسالة أمل ورجاء وإيمان بمستقبل الوطن والدولة”، ونبّه في المقابل إلى أنّ هناك خشية من أنّ يعمد “كل من يريد شراً بلبنان داخلياً وخارجياً” إلى استغلال الشوائب التي تشوب الأجواء على الساحة اللبنانية، خصوصاً وأنّ “الخطر يداهمنا ويغزو مؤسساتنا الرسمية والخاصة (…) ونحن أمام استحقاقات عديدة في طليعتها الانتخابات النيابية وصولاً إلى الانتخابات الرئاسية”.

 

تزامناً، استمرت تداعيات إدانة وزارة الخارجية اللبنانية للاجتياح الروسي للأراضي الأوكرانية بالتفاعل بين مؤيد ومناهض لهذا الموقف، بينما عمد السفير الروسي في بيروت ألكسندر روداكوف إلى قلب مفاهيم العمل الديبلوماسي ومعاييره، فكاد أن يستدعي وزير الخارجية اللبنانية عبدالله بو حبيب إلى مقر السفارة الروسية للاحتجاج على موقف لبنان الرسمي إزاء الحرب على أوكرانيا، بعدما بدا في مؤتمره الصحافي أمس كمن يؤنب وزير الخارجية على بيانه “المنافي لمبدأ النأي بالنفس وغير المحايد الذي لم يراعِ المصالح المشتركة والعلاقات الثنائية العميقة والطويلة بين روسيا ولبنان”، وأردف متوعداً بمقولة: “في الأيام الصعبة نعرف من معنا ومن ضدنا”.

 

أما “حزب الله” فذهب أبعد من حدّ تأنيب بو حبيب، إلى مستوى تخوينه واتهامه بخدمة الأجندة الأميركية من خلال الموقف الذي اتخذه حيال الاجتياح الروسي لأوكرانيا، وبهذا المعنى برز على شريط التصريحات التي أطلقها مسؤولون في “حزب الله”، تساؤل الوزير السابق محمد فنيش: “على أي أساس استند وزير الخارجية في قراءته لما يجري في أوكرانيا ليعطي موقفاً هو في الحقيقة لا يخدم إلا الهيمنة الأميركية؟”، معتبراً أنّ وزارة الخارجية رضخت “تحت ضغط الإدارة والسفيرة الأميركية”، وخلص إلى التشديد على أنّ الموقف الذي اتخذه بو حبيب “مرفوض” من جانب “حزب الله”، ولا يعبّر عن رأي الحكومة لأنه “لم يُتخذ في مجلس الوزراء”.

 

 

*********************************************

افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط

 

دريان: لم يبق في لبنان إلا الميليشيا وطبقة سياسية خرّبت الدولة

انتقد ملاحقة اللواء عثمان ودعا للاقتراع بكثافة في الانتخابات

 

هاجم مفتي الجمهورية اللبنانية عبد اللطيف دريان «حزب الله» من دون أن يسميه، متحدثاً عن «حملات تدمير أطاحت بكل ما أنجزه اللبنانيون خلال قرن من الزمان بحيث لم يبق قائماً إلا الميليشيا والطبقة السياسية التي ارتكبت هذا التخريب الفظيع للدولة والمجتمع، ولعلاقات لبنان العربية والدولية». ودعا في الوقت عينه اللبنانيين إلى «الاقتراع والتصويت الكثيف في الانتخابات النيابية المقبلة». وانتقد من جهة أخرى ملاحقة المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، رافضاً ما وصفه بـ«هذا الدرك من التسييس والتطيف».

وجاء موقف دريان في رسالة وجهها إلى اللبنانيين في مناسبة ذكرى «الإسراء والمعراج»، وقال: «الاحتفالات الدينية هي احتفالات فرح وأمل، لكننا في لبنان ما عدنا نستطيع الفرحة… أين ذهب ذلك كله؟… إنها حملات تدمير تمت في وضح النهار، وشملت احتلال المدينة (بيروت)، واغتيال الناس، ونهب المال العام بمليارات الدولارات، وأسهمت بالمباشر في انهيار المصارف على رؤوس المودعين وأموالهم، ودفعت مئات ألوف اللبنانيين الأكفاء إلى الهجرة وأطبقت على مميزات لبنان». وأضاف: «هكذا لم يبق قائماً إلا الميليشيا، والطبقة السياسية، التي ارتكبت هذا التخريب الفظيع للدولة والمجتمع، ولعلاقات لبنان العربية والدولية».

وأضاف: «عندما نتحدث عما نال علاقات لبنان بأشقائه العرب نعود لتأكيد أصالة عروبتنا، وإصرارنا على أن لبنان عربي الهوية والانتماء، بحسب دستوره الذي صيغ في اتفاق الطائف، بالمملكة العربية السعودية، وهو الأساس الذي وصلنا إليه بالنضال الوطني والإسلامي لعقود عدة. فلا حياة كريمة للبنان إلا بهويته العربية، وانتمائه العربي الكبير، مهما حاول التدميريون فعله».

وكذلك ضمن دريان كلمة تهنئة للمملكة العربية السعودية بـ«تجديد الوعي بيوم التأسيس، قبل ثلاثمائة عام، من الجهد الدؤوب والمتواصل، لإعزاز الموقع، والدور القيم والبناء، والنهوض المستقبلي، الذي يقوده خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده الأمين».

من جهة أخرى، تحدث دريان عن أهمية الانتخابات النيابية المقبلة، قائلاً: «المؤسسات الدستورية في الأصل، هي الحارسة للمرافق العامة، وللمال العام، ولمصالح المواطنين، لكنها ما قامت بشيء من ذلك في السنوات الماضية». وأضاف: «ثم ها هم القائمون عليها، يتصدرون الآن للانتخابات»، متحدثاً عن «الاستمرار في فرض الأمر الواقع، وهو تخريبٌ محض». وقال: «نحن نفارق التردد والحيرة، وندعو الجميع للنزول إلى صناديق الاقتراع. فالتصويت الكثيف، هو رسالة أمل ورجاء، وإيمان بمستقبل الوطن والدولة».

وحذّر من استغلال الأوضاع في لبنان بالقول: «الأجواء على الساحة اللبنانية تشوبها شوائب عديدة، نخشى استغلالها من كل من يريد بلبنان شراً داخلياً وخارجياً»، مؤكداً «أهمية العمل الوطني الجاد المخلص، ضمن إطار الدولة، خصوصاً أننا أمام استحقاقات عديدة، وفي طليعتها الانتخابات النيابية وصولاً إلى الانتخابات الرئاسية، وبهذا يتحقق الإصلاح المنشود، الذي يطالب به الجميع».

وتطرق دريان إلى ملاحقة اللواء عثمان على خلفية قضية توقيف حاكم مصرف لبنان، قائلاً: «في الأيام الماضية، سمعنا وقرأنا عن ملاحقات قضائية تطال قيادة قوى الأمن الداخلي، في وقت كان جهاز فرع المعلومات في الأمن الداخلي، يتصدى لعصابات أرادت استهداف أمن الوطن، وتعريض حياة بنيه لخطر القتل والموت»، مؤكداً: «إننا لا نقبل التعرض للشرفاء والحريصين على سلام لبنان وسلامة مواطنيه، ولا نقبل أن نصل إلى هذا الدرك من التسييس والتطيف».

 

*********************************************

 

افتتاحية صحيفة الجمهورية

“الجمهورية”: وفدان من “الصندوق” و”الخزانة” في بيروت وموسكو: البيان غير ودّي

 

إستأثر الحدث الروسي – الأوكراني بالمتابعة الشعبية والسياسية، ليس فقط بفعل تحوّل العالم قرية كونية، بل بسبب انّ الشعب اللبناني مسيّس ويتفاعل مع قضايا العالم، ما انعكس انقساماً بين من يدعم موسكو وبين من يدعم أوكرانيا وبين من يعتبر انّ هموم الدولة اللبنانية الصغيرة تكفيها لتفكِّر بنفسها بعيداً من هموم العالم وما يحصل على الكرة الأرضية.

ولم يقتصر الانقسام السياسي على الرأي العام، بل انتقل إلى داخل السلطة نفسها على إثر بيان وزارة الخارجية اللبنانية الذي استنكر «الاجتياح الروسي»، فقامت الدنيا ولم تقعد على وزير الخارجية عبدالله بوحبيب، الذي تُرك وحيداً وكأنّه تفرّد بالبيان من دون استشارة أحد، علماً انّ القاصي يعلم والداني ايضاً، انّ البيان لم يصدر سوى بعد موافقة المعنيين في السلطة التنفيذية. والأطرف من ذلك، انّ الخلاف انتقل إلى داخل فريق رئيس الجمهورية، او انّ التباين مجرّد توزيع للأدوار أدّى وظيفته في الاتجاهين:

 

الاتجاه الأول، مخاطبة واشنطن والعواصم الاوروبية بأنّ العهد يتناغم مع سياساتهم في مرحلة هو أحوج ما يكون فيها إلى إعادة ترميم علاقاته مع هذه العواصم، خصوصاً في الأشهر الأخيرة من الولاية الرئاسية، وفي محاولة للربط والشبك معهم تمهيداً للاستحقاق الرئاسي المقبل.

 

الإتجاه الثاني، ترييح الحلفاء في الداخل والخارج بدءاً من «حزب الله» مروراً بإيران وصولاً إلى موسكو، بأنّ العهد ما زال ضمن هذا المحور ولم يبدِّل في سياساته، وما حصل ناتج من سوء تفاهم او بالأحرى سوء تنسيق أدّى إلى ما أدّى إليه.

 

وقد أعاد بيان وزارة الخارجية النقاش حول سياسة «النأي بالنفس» وانقسمت الآراء بين ثلاث وجهات نظر أساسية:

 

ـ الوجهة الأولى تصدّرها «حزب الله» منتقداً إقحام لبنان نفسه في مواجهة لا ناقة له فيها ولا جمل، وانّه قد يكون الدولة العربية الوحيدة التي تبرّعت بموقف من هذا القبيل.

ـ الوجهة الثانية، انتقدت موقف «حزب الله» المنتقد لبيان وزارة الخارجية من منطلق انّه لا يحق لمن يقحم لبنان في سياسة المحاور ويقاتل في سوريا والعراق واليمن ان يعطي دروساً في «النأي بالنفس».

ـ الوجهة الثالثة، اعتبرت انّ بيان وزارة الخارجية لا يعدّ خروجاً عن سياسة «النأي بالنفس»، إنما يندرج في إطار الالتزام بمبادئ الشرعية الدولية والقانون الدولي التي تشكّل الضمان الأساسي لحماية السلم والانتظام الدوليين وسلامة أراضي الدول الصغيرة.

 

وأكّدت اوساط سياسية واسعة الإطلاع لـ«الجمهورية»، انّ الأميركيين هم الذين دفعوا في اتجاه صدور البيان اللبناني الرسمي المندّد بالاجتياح الروسي لاوكرانيا، بعدما لمّحوا الى انّ «هذا الموقف ضروري لتسهيل الحصول على مساعدات صندوق النقد الدولي».

 

الموقف الروسي

 

في غضون ذلك، إعتبر السفير الروسي ألكسندر روداكوف في مؤتمر صحافي أمس، أنّ «بيان وزارة الخارجية والمغتربين اللبنانية، لا يراعي العلاقات الثنائية الودية التاريخية بين البلدين». واشار الى انّ سفارة روسيا الاتحادية في بيروت «لطالما كانت ملتقى للتعاون الوثيق بين روسيا ولبنان في مختلف المجالات الاقتصادية والسياسية والديبلوماسية والاجتماعية والتعليمية والثقافية وغيرها».

 

ورداً على سؤال عن استمرار روسيا في العلاقات التجارية مع لبنان، وهل أنّ بيان وزارة الخارجية سيوجد شرخاً في العلاقات اللبنانية – الروسية، قال روداكوف: «أنتم تعرفون أنّ ما حدث غيّر الوضع بشكل تام، وغيّر بعض الاتفاقات والمعاهدات التي كانت موقّعة مسبقاً. وطبعاً حالياً لا بدّ من أن نرى الإمكانات الإضافية لحلّ بعض المشكلات، وخصوصاً في ما يتعلق بتصدير القمح والمواد الغذائية الأخرى الى الجمهورية اللبنانية. طبعاً هذا يتطلب عملاً كثيراً، بما في ذلك روسيا جاهزة لاستلام أي اقتراحات من الجانب اللبناني ودرسها والتعاون في هذا الصدد».

 

إجلاء اللبنانيين

 

وكان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إجتمع بوزير الخارجية والمغتربين عبدالله بوحبيب وعرض معه لردود الفعل على البيان حول روسيا واوكرانيا، ثم بحثا في موضوع اللبنانيين العالقين في اوكرانيا. وكلّف ميقاتي الهيئة العليا للإغاثة القيام بالتحضيرات اللازمة لإجلاء الرعايا اللبنانيين من اوكرانيا.

 

ولاحقاً أعلن الأمين العام للهيئة اللواء محمد خير في بيان، أنّه «تمّ الإتفاق مع السلطات البولندية، وبالتنسيق مع السفارة اللبنانية في بولندا، لإعتماد مركز جمعية الصداقة مع الأطفال في منطقة 31wyzcolenia في العاصمة البولندية وارسو، لتجمّع وإيواء اللبنانيين الوافدين من أوكرانيا، تمهيداً لإجلائهم والعودة الى لبنان».

 

وفدان ماليان

 

في هذه الأجواء، يستعد لبنان لاستقبال وفدين، دولي وأميركي، يتناولان أبرز الاستحقاقات التي يواجهها على جبهتي المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، والجهود المبذولة لمتابعة ملف العقوبات الاميركية ومكافحة تبييض الاموال.

 

وعلمت «الجمهورية» من مراجع مالية ونقدية، انّ الوفد الاول من صندوق النقد الدولي سيصل مساء اليوم الى بيروت، وهو برئاسة السيد ايرنيستو راميريز ويضمّ عدداً من مساعديه المكلّفين مواكبة المفاوضات التي انطلقت بخفر بين لبنان وصندوق النقد قبل اسبوعين وتوقفت عند فقدان بعض الخطوات التي لم يتمكن لبنان من تحقيقها، ولا سيما منها خطة التعافي الاقتصادي والمالي التي تعثرت بعد طرح صيغة لم ترَ النور، واعتُبرت عملية جس النبض تجاه ما حملته من آلية لتوزيع الخسائر، كان يعتقد صاحبها انّه يمكن ان ينفد بها، على حدّ قول مصادر قريبة من اللجنة الوزارية المكلّفة هذه المهمّة.

 

وضمن سياق متصل، قالت اوساط مطلعة لـ«الجمهورية»، انّ موافقة الحكومة المبدئية على خطة الكهرباء كانت ملحّة في هذا التوقيت، قبل اجتماع إدارة البنك الدولي في 3 آذار المقبل، موضحة انّ هذه الموافقة كانت مطلباً للبنك الدولي الذي اكّد انّ من شأنها ان تسهّل حسم مبدأ إقرار برنامج تمويلي للبنان، على أن تُستكمل التفاصيل من خلال المفاوضات اللاحقة.

 

وزارة الخزانة

 

على صعيد آخر، كشفت مراجع ديبلوماسية مطلعة لـ«الجمهورية»، انّ وفداً من وزارة الخزانة الاميركية سيصل الى بيروت في الساعات المقبلة، برئاسة النائب الاول لمساعد وزير الخزانة الاميركية والمسؤول عن مكافحة تمويل الإرهاب والجرائم المالية بول اهرين ونائبه إريك ماير ومجموعة من التقنيين والمستشارين الماليين وفي شؤون الضرائب والجوانب القانونية والمالية.

 

واضافت المراجع عينها، انّ بول اهرين يواصل الجهود التي سبقه اليها المسؤول السابق الذي كان يشغل المهمّة نفسها في وزارة الخزانة السيد مارشال بيلينغسلي، الذي ساهم في اقتراح مجموعة من العقوبات التي فُرضت على مسؤولين لبنانيين منذ أربع سنوات، قبل ان يترك مهمته في نهاية ولاية الرئيس السابق دونالد ترامب.

 

برنامج موحّد للوفدين

 

وفي المعلومات، انّ الوفدين يتشاركان في زيارتيهما برنامجاً شبه موحّد، وسيجول كل منهما بفارق ساعات قليلة على المسؤولين اللبنانيين بدءاً من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون فرئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، قبل ان يتفرّغ كل منهما الى مجموعة من الاجتماعات التي ستشمل وزير المال يوسف خليل وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة وعدداً من الخبراء في شؤون المال وجمعية مصارف لبنان.

 

وقالت المصادر لـ«الجمهورية»، انّ الوفد الاميركي يجول منذ ايام على بعض العواصم العربية، وكانت آخر زيارة لنائب مساعد وزير الخزانة ايريك ماير الى ليبيا من ضمن المهمّة التي تتابعها الوزارة لملاحقة أعمال تبييض الاموال لمصلحة مجموعات ارهابية في العالم ومكافحة التهرّب الضريبي، وسط جهود تُبذل لتوحيد المصرف المركزي الليبي على طريق توحيد السلطة الليبية ومؤسساتها.

 

الجامعة والمبادرة الكويتية

 

وعلى الرغم من توقّع انحسار النقاش في بيان وزارة الخارجية اللبنانية، إلّا انّ الحرب الروسية على أوكرانيا ستبقى في صدارة المتابعة السياسية، على وقع حماوة انتخابية بدأت تشق طريقها نحو انتخابات أصبحت على مسافة أسابيع قليلة، ومن المتوقع ان ترتفع حماوتها تباعاً مع استئثار هذا الجانب قريباً بكل المتابعة السياسية.

 

وأكّد الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السفير حسام زكي، أنّ «جامعة الدول العربية تتابع بنحو مستمر تطورات الأوضاع في لبنان»، مشيراً إلى «حرص لبنان على إجراء الانتخابات النيابية في موعدها المرتقب في مايو (أيار) المقبل». ولفت إلى أنّ «الجامعة العربية مستعدة للمشاركة بمراقبين في الانتخابات المقبلة من خلال فريق مدرّب ولديه خبرة طويلة»، وشدّد على «دعم الجامعة المستمر للبنان في الخطوات التي تقوده إلى الاستقرار والعمل لمصلحة الشعب اللبناني».

 

واكّد زكي في تصريح لـ«وكالة أنباء الشرق الأوسط» المصرية، «دعم الجامعة للمبادرة الكويتية لحلّ الأزمة بين لبنان ودول الخليج العربي، والتي طرحها وزير الخارجية الكويتي الشيخ أحمد ناصر المحمد الصباح في يناير (كانون الثاني) الماضي، وتلقّت الكويت الردّ عليها من الجانب اللبناني». وأمل أن «تتحسن الأمور وتتجّه إلى الأفضل، والجامعة العربية تتفهم منطلقات المبادرة الكويتية، وتواصلت مع الجانبين الكويتي واللبناني سعياً لتجاوز الخلاف وحشد الصف العربي لدعم لبنان الذي يعدّ ركناً أساسياً في منظومة العمل العربي المشترك».

 

مواقف

 

وفي جديد المواقف، قال مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان في رسالة الى اللبنانيين لمناسبة ذكرى الإسراء والمعراج، «إنّ المؤسسات الدستورية فى الأصل، هي الحارسة للمرافق العامة، وللمال العام، ولمصالح المواطنين. لكنها والحق يُقال أيضاً وأيضاً، ما قامت بشيء من ذلك في السنوات الماضية. ثم ها هم القائمون عليها، يتصدّرون الآن للانتخابات. وهذا يضعنا في حيرة كبيرة. فليس بوسعنا أن نقول للناس لا تقوموا بحقكم وبواجبكم الانتخابي، لأنّ الانتخابات هي سبيل التغيير في الدولة الحديثة. لكننا نسمع من الجهات المهيمنة ذاتها القول: إنّها ستفوز، وإنّه لا شيء سيتغيّر! كلام هؤلاء المراد به التيئيس، والاستمرار في فرض الأمر الواقع، وهو تخريبٌ محض. ولذلك، نحن نفارق التردّد والحيرة، وندعو الجميع، للنزول إلى صناديق الاقتراع» واعتبر دريان انّ «التصويت الكثيف، هو رسالة أمل ورجاء، وإيمان بمستقبل الوطن والدولة». ولاحظ انّ «الأجواء على الساحة اللبنانية تشوبها شوائب عدة، نخشى استغلالها من كل من يريد بلبنان شراً داخلياً وخارجياً، فالخطر يدهمنا، ويغزو مؤسساتنا الرسمية والخاصة، والمعالجة هي مسؤولية الجميع، ولا تتحقق إلّا بالتعاون والتضامن، لا بتبادل الاتهامات والانتقادات والكيديات، التي تزيد الشرخ عمقاً بين أبناء الوطن الواحد». وقال: «بالحكمة والوعي والعمل الوطني الجاد المخلص، ضمن إطار الدولة التي تحافظ على الجميع من دون تفرقة أو تمييز، لاستعادة الناس ثقتهم بوطنهم، خصوصاً أننا أمام استحقاقات عدة، وفي طليعتها الانتخابات النيابية وصولاً إلى الانتخابات الرئاسية، وبهذا يتحقق الإصلاح المنشود، الذي يطالب به الجميع».

 

عودة

 

واتهم ميتروبوليت للروم الارثوذكس في بيروت المطران الياس عودة في عظة الاحد أمس، المسؤولين «بإهمال اللبنانيين والتغاضي عن حاجاتهم الضرورية، ومعاناتهم اليومية في ظل انهيار شامل». وقال: «الدينونة العادلة آتية، على أمل أن تبدأ بشائرها في أيار المقبل، في صناديق الاقتراع، حين يجب أن يعبّر اللبنانيون عن قرفهم ورفضهم وغضبهم بجرأة وبلا خوف من ترهيب أو تهديد، فيدرك المرفوضون والمقصون حكم الشعب قبل الوقوف أمام الديان العادل في اليوم الأخير، علّ النتيجة ترضي شعبنا الحبيب، فيشعر ببرودة القلب والروح ويتنفس الصعداء قليلاً. وهذا يتوقف على شعورهم بالمسؤولية وقيامهم بواجبهم الوطني ومحاسبة كل من أساء وقصّر».

 

واضاف: «أما من جهة التمييز والعنصرية، فنأمل أن نرى وجوهاً نسائية تلمع في المجلس النيابي العتيد والحكومات المقبلة، لأننا عاينا ما فعله الذكور بهذا الوطن. إنّ المرأة، الأم، والأخت، والإبنة، والأرملة، تعرف تمام المعرفة ما تعني المحبة الحقيقية، والعطاء والتضحية، وهي لا يمكنها أن تفقد حنانها وإحساسها، وحساسيتها تجاه ما يحيط بها». واشار الى «انّ القسوة والعناد والتعنت وشن الحروب، وآخرها ما نشهده في أوكرانيا، من شيم الرجال، فيما المرأة هي صانعة سلام. من هنا ضرورة مشاركة النساء في تحمّل المسؤولية وبناء الدولة». وقال: «لقد مارست الطغمات الحاكمة في بلدنا التمييز بشتى أنواعه ضدّ المرأة وضدّ الشعب، وقد آن الأوان لكي يقوم الشعب بفرز الخراف عن الجداء».

 

فضل الله

 

ورأى عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب حسن فضل الله، أنّ «الإدارة الأميركية تتحمَّل مسؤولية كبيرة عمَّا يصيب الشعب الأوكراني، ولم تجد ما تقدّمه له سوى استعدادها لإجلاء رئيسه إلى خارج البلاد، أو تشجيع الدول على استقبال اللاجئين، وإشهار سلاح العقوبات، وهي تذكّرنا بذلك بما اقترفته بحق بلدنا من تسعير للفتن في خلال الحرب الأهلية في لبنان، ثمَّ عرضها تقديم البواخر لإجلاء جزء من الشعب اللبناني، أو في استمرار استغلالها لقضية النازحين السوريين ومنع عودتهم إلى بلادهم، وهو ما تمارسه اليوم مع اللاجئين الأوكران باستغلال ظروفهم الإنسانية لتوظيفها من اجل مصالحها الخاصة».

 

وقال فضل الله في لقاء حواري في كنيسة صفد البطيخ الجنوبية: «لأنَّ لبنان الرسمي على علاقة مع روسيا وأوكرانيا، كان الموقف منهما يحتاج إلى دراسة متأنية داخل الحكومة وفق الأصول، وأن يعتمد لغة ديبلوماسية تبقي لبنان قادراً على التعاطي مع الطرفين، بل وحتى القيام بمبادرات إيجابية على المستويات السياسية والإنسانية، تعيد له بريقه السياسي المفقود، ولا يتورط بما صدر من لغة حادّة لم يصل إليها أي بيان عربي في موقف يتمّ توظيفه لجعله جزءاً من الإصطفافات العالمية بمصالحها المتشعبة، من دون قدرة على التأثير، وتعرّض علاقاته الرسمية ومصالح شعبه لأضرار هو بالغنى عنها».

 

كورونا

 

صحياً، سجّلت وزارة الصحة العامّة في تقريرها اليومي أمس، حول مستجدات فيروس كورونا انخفاضاً في عدد الاصابات، حيث بلغ عددها 1533 إصابة جديدة (1462 محلية و71 وافدة) ليصبح العدد الإجمالي للإصابات 1066840 اصابة منذ تفشي الوباء في شباط 2020. وسجّل التقرير ايضاً 10 حالات وفاة جديدة، ليرتفع العدد الإجمالي للوفيات الى 10079حالة.

 

 

*********************************************

افتتاحية صحيفة اللواء

 

الانتخابات تخرق جدار «الحرب في أوكرانيا»: ترشيحات خارج التحالفات!

دريان للتصويت الكثيف.. وعتب روسي على بيان بوحبيب وصعوبات تواجه عودة اللبنانيين

 

خلت الساحة المحلية من ألاعيب الحملات، والطلعات والنزلات، وانبرى المعنيون بتأييد التمثيل النيابي أو تغييره إلى التماس الإمكانيات المتاحة لبناء الترشيحات والتحالفات، لكسب الأكثرية التي تغيّر «الدنيا في لبنان» بصرف النظر عن قرارات القوى ذات التأثير في الإقليم أو على مستوى دول المركز الذاهبة إلى إعادة تقييم الوضع في العالم، مع تهديدات فلاديمير بوتين الرئيس الروسي بالرد النووي على تهديدات وحشودات حلف الأطلسي باتجاه اوكرانيا أو أوروبا الشرقية.

 

هكذا تقدمت الانتخابات على ما عداها، وفقا لمعلومات «اللواء» التي تكشف ان مسؤولين كباراً ابلغوا ماكيناتهم الانتخابية بعدم إضاعة الوقت، والاطلاق إلى التعبئة والتحضيرات اللوجستية.

 

ولاحظت مصادر ساسية ان الانتخابات اللبنانية تأتي وسط استقطاب دولي حول الحرب في اوكرانيا، وكخرق لجدار الخلافات، حول الموقف الذي يتعين القيام به، سواء الحياد أو النأي بالنفس أو موقف وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب الذي ادان التدخل الروسي وطالب بسحب فوري للقوات الروسية من الأراضي الاوكرانية.

 

ورصدت مصادر سياسية خلافا قويا، يدور كالعادة بين النائب جبران باسيل والرئيس نجيب ميقاتي، تطور في الايام الاخيرة الى لجوء الاول لاكثر من سيناريو، لارباك رئيس الحكومة والقوطبة عليه، لارغامه، اما للانصياع لمصالحه ورغباته، واما حمله على الاستقالة، التي تفيد رئيس التيار الوطني، لتعطيل إجراء الانتخابات النيابية، لان مؤشراتها واستطلاعات الرأي، لا تعطيه ارجحية لفوز مرشحي التيار في دوائر عديدة، خلافا للانتخابات السابقة، لتبدل التحالفات السياسية، والاستياء الشعبي العارم من الاداء السيئ لباسيل والعهد العوني عموما خلال السنوات الماضية، وللفشل الذريع بادارة قطاع الكهرباء، المسؤول عن انهياره، هو شخصيا منذ عشر سنوات، والسرقة والهدر الذي بلغ حجمه عشرات مليارات الدولارات.في القطاع المذكور.

 

وحددت المصادر موضوعين يدور الخلاف حولهما، بين ميقاتي وباسيل، الاول خطة التعافي الاقتصادي ومن ضمنها خطة الكهرباء، والبيان الذي اصدره وزير الخارجية عبد الله بو حبيب مؤخرا، وادان فيه العمليات العسكرية الروسية ضد اوكرانيا.

 

بالنسبة لخطة التعافي الاقتصادي التي ماتزال موضع اخذ ورد وتنتظر قيام الحكومة بسلسلة إجراءات واصلاحات ومن ضمنها اقرار الموازنة بالمجلس النيابي، حاول باسيل الدخول على وضع الخطوط الاساسية للخطة من خلال مستشار رئيس الجمهورية وهو مستشاره الخاص شربل قرداحي، ليكون له اليد الطولى، بادراج وحذف مالايريده بالخطة لاسيما بالاصلاحات الهيكلية بوزارة الطاقة وقطاع الكهرباء وتحديد نسبة الخسائر المالية. وعندما لم يوفق بسبب رفض رئيس الحكومة، وحصر مهمة اعداد الخطة بالوزراء المعنيين، شن حملة شعواءعلى اللجنة بشكل غير مباشر، متهما اياها بعدم اطلاع رئيس الجمهورية على فحوى الخطة خلافا للواقع، والحق حملته بفبركة ملف ملاحقة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بواسطة شلة من المحسوبين على التيار. ومنذ مدة وعندما بدأ التحضير لخطة الكهرباء وقبل عرضها على مجلس الوزراء، وبعدما تبين ان بصمات باسيل ومستشاريه في طياتها، اقترح رئيس الحكومة سلسلة تعديلات اساسية عليها، لتتناسب مع مستلزمات النهوض بقطاع الكهرباء وليس العودة إلى الخطط الفاشلة التي لم تثبت جدواها واستبعد منها إنشاء معمل عمشيت ألذي يصر باسيل على ادراج ضمن الخطة، للمكتب المادية والخاصة التي يبتغيها جراء ذلك. والحق باسيل طموحه لتضمين الخطة مايريده، بتحريك ملف ملاحقة سلامة مجددا بواسطة القاضية غادة عون، مع فبركة ملف ملاحقة اضافي بحق المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان، لممارسة أقصى ضغوط ممكنة، لاعاقة خطة التعافي من جهة، ولعرقلة اقرار خطة الكهرباء بلا معمل عمشيت من جهة ثانية.

 

وتضيف المصادر انه ازاء رفض ميقاتي الاستجابة لضغوط باسيل، وعطل موضوع الملاحقات المفبركة، اصر على التعديلات المطروحة على خطة الكهرباء، بالتزامن مع إجراء مفاوضات مع شركة سيمنز الالمانية وشركة كهرباء فرنسا للاستحصال على افضل العروض الممكنة للنهوض بقطاع الكهرباء، بخصوص تسهيلات التمويل وحداثة المعدات والمدة الزمنية التي تحددت بالعروض المقدمة بـ١٨ شهرا خلافا لخطة وزير الطاقة التي تحتاج لثلاث سنوات واكثر.

 

واشارت المصادر الى ان هذا الخلاف الحاصل حول خطة الكهرباء، هو الذي ادى الى ارجاء اقرارها بشكل نهائي والاكتفاء بالموافقة المبدئية عليها، كماورد في مقررات مجلس الوزراء، بسبب رفض رئيس الجمهورية السير فيها، بمعزل عن تضمينها إنشاء معمل سلعاتا، بينما تكشفت ابعاد تتجاوز هذا المطلب، وهي مسارعة رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، عندما اطلع على تفاصيل مفاوضات رئيس الحكومة مع شركة سيمنز، الى ترتيب زيارة سريعة وسرية الى المانيا، برفقة النائب سيزار ابي خليل لمفاوضة مسؤولي شركة سيمنز، للالتفاف على جهود رئيس الحكومة، والاطلاع على كافة تفاصيل العرض المطروح، وللابقاء على ملف الكهرباء ممسوكا بيد باسيل، باعتباره بمثابة الدجاجه التي تبيض ذهباً، وبالتالي لايمكن تركه في اطار ماتقرره الحكومة مجتمعة، مع العلم ان باسيل، ومن خلال ابي خليل، رفض عرض شركة سيمنز للنهوض بقطاع الكهرباء، رفضا قاطعا، خلال زيارة المستشارة الالمانية انجيلا ميركل الى لبنان قبل ثلاثة أعوام، بالرغم من جدية العروض وتسهيلاته المغرية.

 

وكشفت المصادر ان الخلاف الجديد بين رئيس الحكومة وباسيل، يتعلق بالبيان الذي اصدره الوزير أبو حبيب حول الحرب باوكرانيا، والذي تبين فيما بعد انه لم يكن البيان، الذي تم التوافق عليه بين رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية والذي تضمن التزام لبنان بميثاق الجامعة العربية والاجماع العربي، وبسياسة الناي بالنفس عن الصراعات والنزاعات الدولية، استنادا الى المواثيق الدولية وشرعة الامم المتحدة وحرصا على مصالح لبنان وشعبه مع جميع الدول الصديقة. وقد تبين ان صيغة البيان قد تم تعديلها ببعبدا، بايعاز من باسيل واصدرها وزير الخارجية من دون موافقة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عليها، او اي مسؤول آخر.

 

واكدت المصادر ان محاولات باسيل مع حزب الله والآخرين، للتملص من البيان المذكور لم تنفع، لان بصماته واضحة في البيان، وقد ظهرت بشكل لايحمل


 

التاؤيل وهو استدراج عروض مكشوفة للولايات المتحدة لرفع العقوبات الاميركية المفروضة عليه، استباقا للاستحقاق الرئاسي، بينما تكشفت وقائع مثيرة لدى لقاء وزير الخارجية السفيرين الفرنسي والالماني، والاستفسار منه عن سبب عدم تأييد لبنان، لبيان ادانة العدوان الروسي في مجلس الامن، والذي لم يكن مبررا، بعد صدور بيان وزارة الخارجية بالادانة. وقد بدأ الوزير بوحبيب مربكا، ولم يستطيع تبرير موقف لبنان التناقض.

 

وتوقعت المصادر ان يتفاعل الخلاف بين ميقاتي وباسيل بالايام المقبلة، كلما تحركت خطوات انجاز خطة التعافي الى الامام، او اعادة بحث خطة الكهرباء من جديد، بينما لوحظ ان مسار مناقشة مشروع الموازنة في لجنة المال والموازنة استهل بالامس بموقف تصعيدي من رئيس اللجنة النائب ابراهيم كنعان.

 

عتب روسي

 

والأبرز، دبلوماسياً، خروج السفير الروسي في بيروت الكسندر روداكوف عن صمته، والإعلان ان بيان الخارجية اللبنانية لا يراعي العلاقات التاريخية بين البلدين، لكنه أكّد ان البيان لن يؤثر كثيراً على هذه العلاقات.

 

وكشف روداكوف الهدف من المؤتمر الصحفي، حيث أوضح ان بلاده لا تنتهج سياسة عدائية تجاه اوكرانيا بل تمارس حقها في حماية أمنها القومي، وان القوات الروسية لا تستهدف الشعب الأوكراني.

 

غداً، أوّل آذار، شهر انتهاء مهلة الترشيحات في الـ15 منه، في حين ان 4 نيسان موعد تسجيل اللوائح، و31 آذار تنتهي مهلة من يرغب بالعودة عن الترشح..

 

وفي هذا الوقت تنشط الحركة الانتخابية، لا سيما لدى الأحزاب المسيحية، ومنظمات حراك 17 ت1 (2019).

 

وفي السياق الانتخابي،، قال مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان في رسالة لمناسبة ذكرى الاسراء والمعراج: إن المؤسسات الدستورية فى الأصل، هي الحارسة للمرافق العامة، وللمال العام، ولمصالح المواطنين. لكنها والحق يقال أيضا وأيضا، ما قامت بشيء من ذلك في السنوات الماضية. ثم ها هم القائمون عليها، يتصدرون الآن للانتخابات. وهذا يضعنا في حيرة كبيرة. فليس بوسعنا أن نقول للناس لا تقوموا بحقكم وبواجبكم الانتخابي، لأن الانتخابات هي سبيل التغيير في الدولة الحديثة. لكننا نسمع من الجهات المهيمنة ذاتها القول: إنها ستفوز، وإنه لا شيء سيتغير(!).

 

اضاف: كلام هؤلاء المراد به التيئيس، والاستمرار في فرض الأمر الواقع، وهو تخريبٌ محض. ولذلك، نحن نفارق التردد والحيرة، وندعو الجميع الجميع، للنزول إلى صناديق الاقتراع. فالتصويت الكثيف، هو رسالة أمل ورجاء، وإيمان بمستقبل الوطن والدولة. وإذا لم نعمل بإيماننا وبأملنا فبماذا نعمل؟ نحن اللبنانيين أهل حق، وأقوياء بتضامننا ووحدتنا، وبمحافظتنا على تطبيق دستورنا، وتعزيز هذا المفهوم. فالأجواء على الساحة اللبنانية تشوبها شوائب عديدة، نخشى استغلالها من كل من يريد بلبنان شرا داخليا وخارجيا، فالخطر يداهمنا، ويغزو مؤسساتنا الرسمية والخاصة، والمعالجة هي مسؤولية الجميع، ولا تتحقق إلا بالتعاون والتضامن، لا بتبادل الاتهامات والانتقادات والكيديات، التي تزيد الشرخ عمقا بين أبناء الوطن الواحد. فبالحكمة والوعي والعمل الوطني الجاد المخلص، ضمن إطار الدولة التي تحافظ على الجميع من دون تفرقة أو تمييز.

 

وتابعت الحكومة أوضاع اللبنانيين في اوكرانيا، عبر اجتماع عقده الرئيس نجيب ميقاتي مع وزير الخارجية عبد الله بوحبيب، وتقدر تكليف الهيئة العليا للاغاثة إجلاء الرعايا اللبنانين المقيمين في أوكرانيا والذين لجأوا الى بولندا ورومانيا، جوا في موعد يحدد لاحقا، ووفقا لظروف ومعطيات يعلن عنها في حينه بالتشاور مع سفارات لبنان في أوكرانيا وبولندا ورومانيا.

 

وفي تصريح صحفي، ذكر اللواء محمّد خير ان «الوضع مأساوي على الحدود، بسبب العدد الهائل للاجئين من كل الجنسيات، وقلنا للبنانيين بأن هناك مشقة في الطريق»، موضحاً: «سوف نكون هناك قريباً، وهناك خطورة لأن بعض المدن لم يتمكن اللبنانيون الخروج منها، وهم يحاولون الخروج، والبعض يفضلون البقاء»، ومعلناً عن ان «حساب نقل الطيران على الدولة اللبنانية، ومن الرابع من شهر آذار وبعد ذلك، ستنطلق الرحلات من بولندا».

 

ومع الحضور العربي الشكلي والسريع في بيروت عبر احتفالية تكريم الفائزين بـ«الجائزة العربية لأفضل أطروحة دكتوراه في العلوم القانونية والقضائية في الوطن العربي» يوم السبت، وتأكيد «دعم الجامعة العربية للمبادرة الكويتية لحل الأزمة بين لبنان ودول الخليج العربي»، ومع استمرار تداعيات بيان وزارة الخارجية الروسية حول العلاقة مع موسكو بسبب إدانة لبنان الغزو الروسي لأوكرانيا، ما زال الوضع الحكومي والسياسي يراوح مكانه، ولو ان الآمال معقودة على إنجازات ما على صعيد خطة الكهرباء والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي حول خطة التعافي الاقتصادي، وحول مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بعد اعتبار لبنان الرسمي ان الخط 23 هو منطلق التفاوض عبر التعرجات في هذا الخط التي تؤكد حق لبنان في حقل قانا الذي تدعي اسرائيل حقها فيه.

 

وعلى هذا قالت مصادر وزارية لـ«اللواء» ان مجلس الوزراء اقر خطة الكهرباء مبدئياً ولنضع خطين تحت كلمة مبدئياً، اي انها بالمعنى القانوني معلقة على شرط تضمينها البنود والتعديلات التي تم ادخالها على الخطة، وتعتبر الخطة لاغية اذا لم تنفذ هذه الشروط القانونية.

 

واوضحت المصادرانه في حال تمت دعوة مجلس الوزراء الى جلسة الاسبوع الحالي فستكون عادية ونحن لسنا بصدد إجراء اي تعيينات امنية او ادارية حالياً. لكن حتى مساء امس لم تكن الدعوة قد وجهت لعقد جلسة وربما تتم الدعوة اليوم.

 

ميقاتي وأبو الغيط

 

وقد رعى رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي في حضور الأمين العام لجامعة الدول العربية احمد ابو الغيط، حفل تكريم الفائزين بـ«الجائزة العربية لأفضل أطروحة دكتوراه في العلوم القانونية والقضائية في الوطن العربي»، وذلك قبل ظهر أمس في السراي الحكومي.

 

وأكد ميقاتي في كلمة له «أن لبنان الذي كان وسيبقى جزءا من العالم العربي، يعيش ازمة غير مسبوقة على كل المستويات، وتحاول حكومتنا حلّها بكل الامكانات المتاحة متكلة على دعم اشقائه العرب واصدقائه في العالم، ومن غير الانصاف تحميل وطننا ما لا طاقة عليه، ونحن ننتظر من أشقائنا العرب أن يتفهّموا واقعنا جيداً، وأن يقفوا إلى جانبنا لتجنيب لبنان الأخطار ولمساعدتنا على تحمّل الأعباء التي فاقت قدراتنا».

 

وقال: لبنان، ايها الاخوة العرب، بحاجة الى دعمكم ومؤازرتكم في هذه المرحلة بالذات، ليستعيد عافيته، ونحن واثقون أنكم ستحملون معنا هذه الهواجس وستكونون المدافعين عنها في كل المحافل.

 

من جهته، اكد أبو الغيط في كلمة غير سياسية «أن منطقتنا تعاني من أزمات خانقة انعكست على واقعها، خاصة على مستويات التعليم وتراجع البحث العلمي في الجامعات ومراكز البحوث، ولا تزال تعاني.

 

لكن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السفير حسام زكي، اكد «دعم الجامعة للمبادرة الكويتية لحل الأزمة بين لبنان ودول الخليج العربي، والتي طرحها وزير الخارجية الكويتي الشيخ أحمد ناصر المحمد الصباح في كانون الثاني الماضي وتلقت الكويت الرد عليها من الجانب اللبناني».

 

وأمل في تصريح لمكتب «وكالة أنباء الشرق الأوسط» المصرية في لبنان، أن «تتحسن الأمور وتتجه إلى الأفضل»، وقال: الجامعة العربية تتفهم منطلقات المبادرة الكويتية وتواصلت مع الجانب الكويتي والجانب اللبناني سعياً لتجاوز الخلاف وحشد الصف العربي لدعم لبنان الذي يعد ركنا أساسيا في منظومة العمل العربي المشترك».

 

وأوضح أن «جامعة الدول العربية تتابع بشكل مستمر تطورات الأوضاع في لبنان»، مشيرا إلى «حرص لبنان على إجراء الانتخابات النيابية في موعدها المرتقب في أيار المقبل».

 

وأشار إلى أن «الجامعة العربية مستعدة للمشاركة بمراقبين في الانتخابات المقبلة من خلال فريق مدرب ولديه خبرة طويلة»، وشدد على «الدعم المستمر من الجامعة للبنان في الخطوات التي تقودها إلى الاستقرار والعمل لمصلحة الشعب اللبناني».

 

على صعيد آخر، زار وزير المهجرين عصام شرف الدين سوريا امس،، يرافقه وفد ضمّ عضو المجلس السياسي ومنسّق الملف السوري في الحزب الديموقراطي اللبناني لواء جابر، ومستشاره الإعلامي جاد حيدر، حيث التقى وزير الزراعة والإصلاح الزراعي المهندس محمد حسان قطنا، وعرض معه الواقع الزراعي والتحديات التي تواجهه، وكيفية التعاون ودعم القطاع والمزارعين في لبنان عبر تأمين كميّة من الشتول والأغراس لهم.

 

والتقى شرف الدين والوفد المرافق وزير الإدارة المحلية والبيئة المهندس حسين مخلوف، وبحثا في الإجراءات المتخذة من قبل الجانبين لتأمين عودة ميسرة وآمنة للمهجرين السوريين في لبنان وما تقوم به الحكومة السوريا لتأمين كل احتياجاتهم ومستلزمات عيشهم في مناطقهم.

 

وأشار مخلوف في تصريح للصحفيين عقب اللقاء إلى أنه أطلع الوزير اللبناني على الأعمال التي قامت بها الدولة السوريا من أجل تسهيل عودة اللاجئين والمهجرين السوريين إلى وطنهم، منها مراسيم العفو التي صدرت، وتأجيل خدمة العلم لمدة ستة أشهر للعائدين، واستخراج الوثائق المفقودة لمن فقدها في دول اللجوء، وتسجيل الولادات الجديدة في سوريا، وتوفير خدمات النقل والطبابة وكل ما يلزم لإيصالهم إلى مناطق إقامتهم ودعمهم بمشاريع لتمكين سبل عيش كريم. مؤكداً أن سوريا تتطلع إلى تمكين جميع المهجرين من العودة دون أي عوائق مبيناً أن الحصار الجائر الذي تطبقه الدول التي دعمت الإرهاب في سوريا استهدف المواطن السوري في لقمة عيشه وكسائه ودوائه.

 

وقال شرف الدين: تطرقنا خلال الاجتماع إلى مواضيع الشأن العام الذي يعاني منه الشعبان في لبنان وسوريا نتيجة سياسة المطرقة والسندان.

 

التحقيق مع وفيق صفا

 

قضائياً، وفي موقف هو الأوّل من نوعه، كشف وزير العدل هنري خوري ان مدعي عام التمييز قام بالتحقيق في ما عرف بـ«تهديد وفيق صفا للمحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت، وتم حفظ الملف». مشيراً إلى ان لا أحد يعرف محتوى التحقيق العدلي في جريمة انفجار المرفأ.

 

وكشف خوري: عرضت مشروع حل بإنشاء هيئة اتهامية للنظر بقرارات المحقق العدلي، رفضها الرئيس نبيه برّي لأنه يعتبر ان مجلس النواب هو صاحب الصلاحية للملاحقة الرؤساء والوزراء.

 

وقال: مجلس القضاء الأعلى غير متفق على أسماء رؤساء غرف التمييز، ولو كان هناك اتفاق لكانت خرجت التعيينات، وذكر ان لجنة الإدارة والعدل غيرت احكاماً وبنوداً عديدة علي الصيغة الأساسية لمشروع قانون استقلالية القضاء، ولم يتم عرض الصيغة النهائية بعد التغييرات على مجلس القضاء الأعلى.

 

إلى ذلك، مضت المدعي العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون في متابعة مسار التحقيقات، فاستدعت رؤساء مجالس المصارف للاستماع إلى افادتهم بدءاً من اليوم، على ان تستكمل عملية الاستماع يومي غد والخميس، بناء على الدعوى المقامة من مجموعة «الشعب يريد إصلاح النظام».

 

1066840 إصابة

 

صحياً، اعلنت وزارة الصحة العامة في تقريرها اليومي عن تسجيل 1553 إصابة جديدة بفايروس كورونا و10 حالات وفاة خلال الساعات الـ24 الماضية، ليرتفع العدد التراكمي إلى 1066840 إصابة مثبتة مخبرياً منذ 21 شباط 2020.

 

*********************************************

افتتاحية صحيفة الديار

 

هل وقع الجيش الروسي في الوحول الأوكرانية؟ وما هي مخارج هذه الحرب؟

 الإقتصاد العالمي سيتضرّر نتيجة هذه الأزمة والخاسر الأكبر الإقتصاد الروسي

 العقوبات الغربية… نصف الإحتياطي الروسي من العملات الأجنبية سيتمّ تجميده – جاسم عجاقة

 

فعلها قيصر روسيا فلاديمير بوتين وهاجم أوكرانيا مُشعلًا بذلك فتيل أكبر حرب برية في أوروبا منذ العام 1945. إنخراط قوى غربية بشكلٍ مباشر في الحرب الروسية – الأوكرانية، كان ليضع قوى عظمى في مواجهة مباشرة فيما بينها وبالتالي إنتقال الحرب من حرب إقليمية إلى حرب عالمية، لكن هذه المخاوف تبدّدت سريعًا مع إعلان كل الدول الغربية عدم إرسال جنود إلى أوكرانيا للمشاركة في القتال. القراءة الأولية لهذه الحرب تُظهر مدى سهولة الحرب وصعوبة المُحافظة على السلم في هذا العالم، وفي نفس الوقت أظهرت هذه الحرب مدى تعلّق إقتصادات الدول القريبة والبعيدة بقرارات الحرب.

خلفية الأزمة الروسية الأوكرانية

 

تعود أسباب الهجوم العسكري الذي شنّته روسيا في 24 شباط الجاري على جارتها أوكرانيا إلى تراكمات سلبية في العلاقة بين الجارين. فبعد تفكّك الإتحاد السوفياتي في العام 1991 وإنفصال أوكرانيا عن روسيا، قبلت أوكرانيا (ثالث أكبر دولة من ناحية الترسانة النووية آنذاك) بالتخلّي عن ترسانتها النووية في العام 1994 مقابل ضمانات أمنية من الجانبين الشرقي والغربي بعدم إستخدام قوة تُهدّد السلم الإقليمي وأمن الدولة الأوكرانية. ووقعت كلٌ من روسيا والغرب على ميثاق الأمن الأوروبي في إسطنبول في العام 1999 والذي يُؤكّد حق كل دولة في حرية إختيار أو تغيير إعتباراتها الأمنية. وبالتالي إحتفظت الجارتين بعلاقات جيدة إمتدّت حتى العام 2008، حيث أظهر تصريح للرئيس بوتين آنذاك أن روسيا تعتبر أوكرانيا إمتدادًا طبيعيًا لنفوذها وبالتالي فهي ضد إنضمام اوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي.

 

وشهدت أوكرانيا في العام 2013 إحتجاجات شعبية أدّت إلى إسقاط الرئيس يانوكوفيتش (الموالي لروسيا) وظهور إعتراضات في كلٍ من إقليميّ دونيتسك ولوهانسك (في شرق أوكرانيا) اللذين يقطنهما سكّان من أصول روسية ولكن أيضًا في شبه جزيرة القرم التي ضمّتها روسيا لها بالقوّة في العام 2014!

 

المشهد بقي مُستقرًا إلى أن أقرّ الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي في أيلول من العام 2020، إستراتيجية الأمن القومي لأوكرانيا والتي نصّت بوضوح على تطوير العلاقة من حلف شمال الأطلسي بهدف الدخول إليه. وتبع ذلك في أذار 2021 قرارً أخر للرئيس الأوكراني نصّ على إستعادة شبه جزيرة القرم.

 

هذا الواقع لم يُعجب القيادة الروسية التي تؤمن بأن الروس والأوكرانيين هما شعب واحد (مقال للرئيس الروسي في تموز 2021). وبدأت الأمور منذ ذلك الوقت تأخذ منحًا تصعيديًا حيث أعلنت روسيا إنَّ انضمام أوكرانيا المحتمَل إلى حلف شمال الأطلسي وتوسيع الحلف إلى حدودها يُشكل تهديدًا واضحًا لأمنها القومي. أما أوكرانيا ومن خلفها الدول الغربية، فقد إتهمت بوتين بمحاولة إعادة إحياء الأمبراطورية الروسية خصوصًا أن الروس نشروا في أذار 2021 ما يقارب المئة الف عنصر مع عتادهم على الحدود مع أوكرانيا.

الجيش الروسي والوحول الأوكرانية

 

على الرغم من سحب قسم من هذه الحشود في حزيران وآب من العام 2021، إلا أن الأزمة عادت إلى أوجها في أواخر تشرين الأول مع حشد روسيا لمئة ألف مقاتل على الحدود الأوكرانية هدّدت من خلالها أوكرانيا والغرب بأنه سيكون لها ردّ عسكري في حال لم تحصل على ضمانات بعدم إنضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي وتخفيف القدرات العسكرية للحلف في أوروبا الشرقية. هذه المطالب تمّ رفضها من قبل الحلف الأطلسي ومن قبل أوكرانيا، وعلى الرغم من المفاوضات المباشرة التي حصلت بين رؤساء غربيين وبوتين، فشلت الديبلوماسية بحلّ هذه الأزمة وأطلق بوتين حملته العسكرية بدءًا من إقليم دونباس لتُصبح في اليوم الثاني ثلاثية المحاور: شمالًا (من الأراضي البيلاروسية) ومن الشرق (من الأراضي الروسية) ومن الجنوب من شبه جزيرة القرم والبحر.

 

الواضح من الإستراتيجية العسكرية على الأرض، أن الهدف الأساسي للروس هو إسقاط النظام الأوكراني الحالي وإحياء نظام موالٍ له. فإستراتيجية الهجوم نصّت على الخرق السريع للخطوط الأوكرانية من الشمال بإتجاه العاصمة القريبة من الحدود البيلاروسية، ومن الشرق بإتجاه خاركيف – ثاني أكبر مدن أوكرانيا، ومن الجنوب. على هذا الصعيد، ونظرًا إلى حجم الماكينة العسكرية الروسية وبالتالي إلى غياب ميزان في القوى عسكرية، كان من المتوقّع أن تصل روسيا إلى هدفها خلال عدّة أيام.

 

بالفعل إنهارت القوى الأوكرانية في البدء، وتوغّل الجيش الروسي في الأراضي الأوكرانية إلى حدّ الوصول إلى أبواب العاصمة كييف ودخول مدينة خاركيف. حتى أن الرئيس الأوكراني طلب من نظيره الروسي الجلوس حول طاولة الحوار لحلّ الأزمة ديبلوماسيًا وهو ما أُعتبر إشارة إلى عدم قدرة أوكرانيا على الصمود في وجه الماكينة العسكرية الروسية. أيضًا تلقى الرئيس الأوكراني عرضًا من الأميركيين بنقله خارج البلاد وهو ما رفضه رفضًا تامًا نظرًا إلى التحولات الميدانية.

 

على الأرض، أظهرت القوات الأوكرانية مقاومة شرسة أمام الجيش الروسي، كما أن المواطنين الأوكرانيين شاركوا بالدفاع عن بلدهم بقنابل المولوتوف وهو ما رفع من عزيمة الجيش والشعب بالتوازي. المقاومة الأوكرانية لم تكن لتفرض نفسها لولا المستشارين العسكريين ونوعية الأسلحة التي قدّمها الغرب لأوكرانيا والتي حوت على أسلحة يُمكن القول أنها لا تُستخدم إلا في عددٍ قليل جدًا من البلدان (18 بلدا) على مثال صاروخ ستينغر التي لعب دورًا حاسمًا في الحرب الأفغانية ضدّ الروس. ولهذه الصواريخ التي تلقّت منها أوكرانيا المئات، فعالية عالية ضد الطائرات وصواريخ كروز تصل إلى 5 كيلومترات حيث أُسقط عدد كبير من الطائرات الروسية. وبحسب تقديرات الخبراء العسكريين، فإن أوكرانيا ستحصل على عدة ألاف من هذه الصواريخ في المرحلة المُقبلة نظرًا إلى دورها الحاسم في تعديل المعطيات على الأرض وعلى المواقف! حتى أن ألمانيا التي أعربت منذ أسبوع عن رفضها تزويد أي دولة في نزاع عسكري بأسلحة، عادت وتخلت عن موقفها وأعلنت عن أنها ستزود أوكرانيا بالأسلحة والآليات العسكرية.

 

الظاهر من حصيلة عدة أيام من الحرب، أن المعارك ستطول! هذا ما صرّح عنه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي بالطبع يستند إلى تقارير عسكرية لإصدار مثل هذه المواقف. وهو ما يعني أن الحرب ستتحوّل إلى حرب شوارع خصوصًا في المدن الكبيرة. بالتوازي، أعلن القائد الأعلى لحلف شمال الأطلسي الجنرال ولترز عن تفعيل القوة مُتعدّدة الجنسيات المكونة من قوات برية وجوية وبحرية وقوات العمليات الخاصة والتي يُمكن أن تنتشر بسرعة في دول الحلف، تحسبًا لأي طارئ على الأرض.

 

يقول عميد مُتقاعد في الجيش اللبناني، أن قدرة الرئيس بوتين على التفاوض حول مطالبه كانت لتكون أقوى لو إكتفى بالإقليمين اللذين أعلنا إنفصالهما. أما اليوم وبعد أن تمّ فرملة التقدم العسكري الروسي، فيُتوقّع، بحسب العميد المُتقاعد، أن يكون هناك حرب شوارع ضارية نظرًا إلى أن الحرب بالعتاد من طائرات وصواريخ يُقابلها عتاد مُتطور تُقدمه الدول الغربية لأوكرانيا وهو ما يفرض توازنا في الحرب. وهذا ما يُمكن إستنتاجه – بحسب العميد المُتقاعد – من إقدام روسيا على جلب مُقاتلين شيشان إلى المدن الأوكرانية لخبرتهم في قتال الشوارع ولعدم إستنزاف الجيش الروسي.

الردّ الغربي: العقوبات الإقتصادية

 

المواقف الغربية (أميركية وأوروبية) بدأت بإدانة العملية العسكرية الروسية وبفرض عقوبات إقتصادية على روسيا. فبريطانيا، وألمانيا، وفرنسا، وكندا، والولايات المُتحدة الأميركية، وأستراليا، والإتحاد الأوروبي، ولاتفيا، واليابان… فرضت عقوبات إقتصادية على روسيا طالت مصارف كبيرة وأشخاصا مثل بوتين ووزير خارجيته وأفراد قريبين منه (تخطّى العدد الـ 150 شخصا)، كما وشركات تُعتبر ممولًا أساسيًا للكرملين. أيضًا طالت العقوبات خط أنابيب الغاز نورد ستريم 2 الذي أوقفت ألمانيا تراخيص تشغيله، والتصدير الروسي إلى عدد من البلدان مثل كندا واليابان التي حظرت التجارة مع روسيا ومنعت شراء سندات خزينة روسية وعلقت إصدار تأشيرات دخول للمواطنين الروس. وأغلق عدد كبير من البلدان أجوائه أمام الطيران الروسي، وقام الإتحاد الأوروبي بتعليق صادرات النفط الروسي إلى الإتحاد الأوروبي ومنع تصدير مكونات الطيران الأوروبية والمكونات الإستراتيجية إلى روسيا وفرض عقوبات على الشركات العسكرية الروسية وجزء كبير من الشركات المصرفية الروسية. أما من جهة المنظمات الرياضية العالمية، فقد حثت اللجنة التنفيذية للجنة الأولمبية الدولية جميع الاتحادات الرياضية الدولية على إلغاء أو نقل أي أحداث مخطط لها في روسيا أو بيلاروسيا. وقام الاتحاد الدولي للشطرنج بنقل جميع المباريات الرسمية، بما في ذلك أولمبياد الشطرنج المقرر في موسكو، إلى خارج روسيا. وعلق الإتحاد الدولي للجودو الرئاسة الفخرية للرئيس بوتين.

 

عمليًا الإقتصاد الروسي تلقى ضربة كبيرة نتيجة هذه العقوبات. فالصادرات الروسية التي بلغت 489.8 مليار دولار أميركي في العام 2021، مُهدّدة بالإنخفاض إلى أكثر من النصف، وهو ما يعني حرمان هذا الإقتصاد من مداخيل كبيرة من العملة الصعبة التي يحتاجها الإقتصاد. أيضًا منع الشركات والمصارف الروسية من الولوج إلى الأسواق المالية يعني حرمان الإقتصاد من رؤوس الأموال التي تُعتبر وقود النمو الإقتصادي. أكثر من ذلك، فإن الناتج المحلُي الإجمالي الروسي والبالغ 1.7 تريليون دولار أميركي مُهدّد بالإنكماش بشكلٍ كبير نتيجة الإجراءات التي إتخذها المُجتمع الدولي ضد روسيا.

 

من جهة أخرى، تكثر الأحاديث عن إقصاء روسيا عن نظام سويفت (Swift) وهو النظام الأكثر إستخدامًا في العالم للتجارة الدولية، وهذا الأمر إن حصل، سيُشكّل ضربة قاضية للإقتصاد الروسي. وتبقى المخاوف أن مثل هذه الخطوة قد تدفع بالقيادة الروسية إلى أخذ قرارات عسكرية خطيرة قد تؤدّي إلى حرب ذات نطاق أوسع. من هنا نرى أن هناك تروّيا كبيرا لدى الرئيس الأميركي بخصوص هذا الموضوع نظرًا إلى تداعيات هذا القرار عسكريًا ولكن ماليًا من خلال دفع الروس إلى إستخدام أنظمة بديلة وهو ما يُضعف من هيمنة الدولار في التجارة العالمية. لذلك عمدت الدول الغربية إلى فرض عقوبات جزئية (أي على شركات ومصارف فقط) لإستخدام نظام سويفت وبالتالي سيتمّ رفع عدد المقصين من النظام تدريجيًا.

 

الجدير ذكره أن الصينين أنشأوا نظامًا خاصًا بهم يُدعى الـ CIPS (Cross-Border Interbank Payment System) والذي يعتمد على تقنية البلوك تشين كنظام بديل وقد تمّ إستخدام هذا النظام في 17% من التبادل التجاري بين روسيا والصين. أيضًا للروس نظامهم الخاص بهم والذي يُدعى SPFS (Sistema peredachi finansovykh soobscheniy) وهو نظام يعتمد أيضًا على تقنية البلوكتشين. إلا أن هذين النظامين يبقيان غير كافيين لتفادي تداعيات إقصاء روسيا عن نظام سويفت بحكم أن الصين لا تُشكّل إلا 20% من حجم التبادل التجاري لروسيا مع العالم.

 

على صعيد أخر، تبقى الأنظار مُسلّطة على الإحتياطي الأجنبي للمصرف المركزي الروسي الذي بلغ 630 مليار دولار أميركي في أواخر كانون الثاني 2022، منه 469 مليار دولار عملات أجنبية نصفه سيتمّ تجميده بسبب العقوبات. هذا الإحتياط يُشكّل عنصرًا جوهريًا خلال الحروب إذ يجب عليه الدفاع عن العملة الوطنية وتغطية مصاريف الحرب (التي من المفروض أنها غير موجودة في الموازنة). وبالتالي فإن هذا الحجم غير كافٍ للدخول في حرب إستنزافية في أوكرانيا والدفاع عن الروبل الذي يتهاوى يوميًا في ظل العقوبات الغربية. وهو ما يدفعنا إلى القول إن روسيا لن تتأخر في الجلوس على طاولة الحوار.

التداعيات على الإقتصاد العالمي

 

لا يُمكن القول أن هناك رابحًا من هذه الحرب، فكل الدول ستتضرّر من أكثر من باب أولها وبدون إستثناء إرتفاع أسعار النفط التي ستزيد الكلفة على الإقتصادات العالمية بالإضافة إلى التضخّم الذي سيقتل النمو الإقتصادي أينما وُجد.

 

النفط الذي ترتفع أسعاره نتيجة الأزمة، يفرض زيادة المعروض في الأسواق وهو ما يعني أن على دول الأوبك إعادة النظر بحجم إنتاجها. هذا الأمر سيفرض نفسه في المحادثات الثنائية بين الولايات المُتحدة الأميركية ودول الأوبك وعلى رأسها المملكة العربية السعودية. فهل ستقبل دول الأوبك برفع إنتاجها؟ من الصعب معرفة ذلك نظرًا إلى العلاقات الصعبة بين الولايات المُتحدة الأميركية من جهة وبين دول الأوبك من جهة أخرى. لكن من المتوقّع أن يكون هذا الموضوع حديث الساعة في الأيام والأسابيع المُقبلة.

 

على الصعيد الأوروبي وخصوصًا الألماني، تلقى الإقتصاد ضربة كبيرة مع مُشكلة الغاز الروسي الذي تعتمد عليه دول الإتحاد بنسبة 40%. وبالتالي من المتوقّع أن يتراجع العديد من هذه الإقتصادات بالتزامن مع التضخّم وهو ما سيزيد حكمًا عجز الموازنات. أيضًا سيتضرّر قطاع الطيران الذي ينتمي إلى الدول التي أقفلت مجالها الجوّي مع روسيا بحكم أن الطائرات ستضطر إلى تعديل مساراتها وهو ما سيؤدّي إلى كلفة أعلى.

 

من جهة الدول العربية، فإن الدول المنتجة للنفط ستشهد مدخولًا إضافيًا نتيجة إرتفاع أسعار النفط، إلا أن هذا الأمر له تداعيات سلبية على المدى المتوسط والبعيد مع زيادة الإعتماد على الطاقات البديلة وهو ما يوحي بخسائر مُستقبلية. أضف إلى ذلك التضخّم الذي سيتغلّغل في هذه الإقتصادات، بالإضافة إلى حاجة بعض البلدان إلى مصادر بديلة للحبوب.

 

أمّا من جهة البلدان العربية غير المُنتجة للنفط، فإنها ستكون عرضة لنقص حاد في الحبوب وعلى رأسها القمح والذرة وغيرها بالإضافة إلى إرتفاع أسعار المحروقات وإرتفاع التضخم وكلها عناصر غير مؤاتية ستزيد حكمًا من الفقر في هذه المُجتمعات. ولعل لبنان الذي يرزح تحت أزمة مُتعدّدة الأبعاد هو الأكثر تضرّرًا من الأزمة الروسية الأوكرانية نظرًا إلى الوضع المالي والإقتصادي والنقدي الذي يعيشه.

 

*********************************************

افتتاحية صحيفة الشرق

 

المنظومة تتخبّط في بيان الخارجية.. وإجلاء لبنانيي أوكرانيا

ميقاتي طلب دعم العرب.. وباسيل يجدد المطالبة بتغيير النظام

 

تتفوّق المنظومة على نفسها وتُسجّل يوميا «انجازات» على صعيد تكريس صورتها في عيون اللبنانيين والعالم، كفريق فاشل، عجز ولا يزال، عن إرساء الحد الادنى من القواعد التي تقوم عليها الدول. جديدُ إخفاقات الطغمة الحاكمة، بيانٌ «لقيط» صدر عن وزارة الخارجية ليل الخميس الماضي، دان «الاجتياحَ الروسي لاوكرانيا»، تبرّأت منه القوى السياسية المشارِكة في الحكومة قاطبةً، ولم يجد له أبا، فأخذه في «صدره» وزير الخارجية عبدالله بوحبيب، المحسوب على رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في الحكومة، فيما استنكرته وتنصّلت منه الاطرافُ السياسية الاخرى كلّها، سيما تلك التي تدور في فلك محور الممانعة وعلى رأسها حزب الله، وقد «استفاقت» فجأة على أهميّة الحياد والنأي بالنفس، بعدما تسبّب قتالُ الحزب وتدخّله في شؤون الدول العربية والخليجية، بسلخ بيروت عن محيطها الحيوي التاريخي…

 

ادعمونا

 

ورغم هذا الواقع الذي لم تُحرّك الدولةُ اللبنانية ومؤسساتها الدستورية يوما ساكنا لتصويبه، فلم تتصدّ كما يجب، لسلوك الحزب او تصاريحه المناوئة للعرب، بحسب ما تقول مصادر سياسية معارضة ، طلب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من جديد، دعم «الاشقاء العرب»، شاكيا في الوقت عينه، تحميلَ لبنان ما لا طاقة لديه على حمله. فقال من السراي خلال استقباله الامين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، في حضور الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السفير حسام زكي:  لبنان الذي كان وسيبقى جزءا من العالم العربي، يعيش ازمة غير مسبوقة على كل المستويات، وتحاول حكومتنا حلّها بكل الامكانات المتاحة متكلة على دعم اشقائه العرب واصدقائه في العالم، ومن غير الانصاف تحميل وطننا ما لا طاقة عليه، ونحن ننتظر من أشقائنا العرب أن يتفهّموا واقعنا جيداً، وأن يقفوا إلى جانبنا لتجنيب لبنان الأخطار ولمساعدتنا على تحمّل الأعباء التي فاقت قدراتنا».

 

وشدد على « اننا أدركنا  منذ البداية أننا غير قادرين على الوقوف في خندق هنا أو على خط تماس هناك. فاعتمدنا سياسة النأي بالنفس تجاه اي خلاف عربي، ونصر على تطبيقها ، والخاسر في كل خلاف او نزاع هو عالمنا العربي الذي لطالما كان ينشد الوحدة، فإذا ببعضه يتقوقع إلى كيانات داخل كل كيان».

 

من جهته تجنب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط في كلمة خلال حفل تكريم الفائزين بـ»الجائزة العربية لأفضل أطروحة دكتوراه في العلوم القانونية والقضائية في الوطن العربي»، في السراي الحكومي يوم السبت ، الخوض في التطورات ، واكتفى بالاعتزاز بأن تحتضن مدينة بيروت منارة العلم هذا الحفل وهي التي لا تألو جهداً في دعم وتأييد كل نشاط يثري العمل العربي المشترك في كافة مجالاته.

 

ولكن مساعده السفير حسام زكي،اعلن امس  «دعم الجامعة للمبادرة الكويتية لحل الأزمة بين لبنان ودول الخليج العربي، والتي طرحها وزير الخارجية الكويتي الشيخ أحمد ناصر المحمد الصباح في يناير (كانون الثاني) الماضي وتلقت الكويت الرد عليها من الجانب اللبناني».

 

السجال مستمر

 

في الأثناء، ومع ان اولويات اللبنانيين معيشية بامتياز، في ظل القلق الكبير من تداعيات الازمة الاوكرانية على اسعار السلع كلها، من المحروقات الى الغذاء، وعلى توافر القمح في السوق اللبنانية (يستورد لبنان 50 الى 60% من القمح من اوكرانيا)، وقد أشار وزير الاقتصاد أمين سلام الى ان «العقوبات على روسيا يمكن ان تصعب علينا امكانية اللجوء الى اسواق اخرى لاستيراد القمح»، مضيفا «من الممكن ان ترتفع اسعار المشتقات النفطية والزيوت بسبب الحرب وسيكون لذلك انعكاس أيضاً على اسعار السلع»…  الا ان اهتمامات اهل الحكم بقيت في «التناحر» حول بيان الخارجية.

 

«ظننا انفسنا»

 

ففي وقت يُفترض ان تهدّئ الاتصالات التي أجراها وسيجريها الفريق الرئاسي عبر عدد من اركانه – وأهمهم مستشاره للشؤون الروسية امل ابو زيد ورئيسُ التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل- بالديبلوماسية الروسية، من تداعيات «البيان»، أكد عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب حسن فضل الله تعليقا : اننا لم نقرأ في غالبية المواقف العربية موقفا مشابها لموقف الخارجية اللبنانية الذي فيه إدانة واستنكار ودعوة معينة وما إلى هنالك، إلى درجة ظننا أنفسنا أننا أصبحنا في دولة عضو في الحلف الأطلسي.

 

اجلاء اللبنانيين

 

اما على صعيد متابعة اوضاع اللبنانيين في اوكرانيا، فأعلن بو حبيب بعد زيارته ميقاتي في السراي، انه «تقرر تكليف الهيئة العليا للاغاثة إجلاء الرعايا اللبنانين المقيمين في أوكرانيا والذين لجأوا الى بولندا ورومانيا، جوا في موعد يحدد لاحقا ، ووفقا  لظروف ومعطيات يعلن عنها في حينه بالتشاور مع سفارات لبنان في أوكرانيا وبولندا ورومانيا «.أضاف»تبين عدم وجود ممرات آمنة لتاريخه لمغادرة أوكرانيا، ولذلك ننصح اللبنانيين الموجودين فيها حاليا البقاء في أماكن آمنة لحين جلاء الامور. أما بالنسبة الى اللبنانيين الذين قرروا التوجه الى المعابر الحدودية على مسؤوليتهم الشخصية، فيطلب منهم اتخاذ أقصى درجات الحيطة والحذر حفاظاً على سلامتهم».

 

باسيل يتعهد: بالعودة الى الداخل، واذ لم تستبعد المصادر المعارِضة ان يكون بيان الخارجية يحظى برضى العهد وباسيل لتلميع صورتيهما امام الاوروبيين، قال الاخير  في مؤتمر إطلاق مشروع وثيقة «لبنان المدني» الذي نظمه التيار الوطني في الربوة: لا حل الا بتغيير النظام او تطويره، نحن مقتنعون بأن فشل الدولة سببه سوء النظام وبأن الحلول لازماته تكمن في إصلاحه وليس بفسخ العقد الاجتماعي بيننا، نحن في التيار الوطني الحر مؤمنون بوحدة لبنان، وبأن الحياة معا يجب أن تبقى خيار اللبنانيين وليس فقط قدرهم».

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

Whats up

Telegram