إنتفاضة القضاء... "لهون وبس"

إنتفاضة القضاء...

Whats up

Telegram

في غياب أيّ بارقة أمل بإعادة القطار الحكومي إلى سكة "العمل الجدّي مجدداً"، أقلّه في المدى المنظور، بعدما أُقفل طريق الوساطات والمعالجات، ربطاً بطبيعة التعقيدات التي تحكم الوضع الداخلي، والرهان على نتائج الحراك الخارجي، يبقى المناخ السياسي المشدود مخيّماً على البلاد، مع تسابق الملفات على احتلال الصدارة، ومع بلوغ الوضع نقطةً بالغة الحساسية تستوجب معالجات فورية قبل وقوع الكارثة، بعد الإجراءات القضائية الاخيرة بحقّ حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وارتباطاً بها وبغيرها ، إضراب القضاة والمساعدين القضائيين.

صحيحٌ أن القاضي طارق البيطار قد دخل التاريخ من بوابته العريضة، بغباء خصومه في الدرجة الأولى، وبسبب طبيعة قضية تفجير المرفا التي تُعتبر جريمة العصر لبنانياً ثانياً، إلاّ أن الأهمّ، أنه فتح الباب على ظواهر وسوابق قضائية، ساعدت انتفاضة القضاة بعد ثورة 17 تشرين على تعزيزها، ليتحوّل الكثير من "حماة العدالة والحق" الذين بقيوا الصامت الأكبر لسنوات، تدوّي أصواتهم في أرجاء قصور العدل، ويتردّد صداها في المجتمع، كاسرين المحرّمات، ومعها "شوكة" الطبقة الحاكمة.

 

إنتفاضةٌ أخافت وأرعبت، من لم يرتض يوماً للحقّ أن يعلو ولا يُعلى عليه، وللحقيقة أن تُقال مهما كانت صعبة، فراحوا "يشبّقوا يمين شمال"،" يكبّوا حرام " يتجنّوا ويتعدّوا، مرتزقة عند أسيادٍ وأجهزة، يعرفون جيداً ما يفعلون، فالدول تقوم على قضاءٍ وأمنٍ، يتكاملان لينتظم عمل المؤسسات والجماعات، فيسقط "حكم الزعران" والمافيات، في بلدٍ، كل قاضٍ فيه قصةٌ بحدّ ذاته يُروى عنها الكثير، منهم جنودٌ مجهولون ومنهم من "طلع إلى الشمس وإلى الحرية" فتحرّك" المايسترو" وحرّك" الأوركسترا"، تارةً بغطاءٍ سياسي وطوراً بتحالفٍ أمني، وفي المرّتين سعياً لقلب الحقائق وضرب مصالح الناس.

وبمعزلٍ عن الحيثيات السياسية التي يُصرّ البعضُ على إسقاطها بالقوة لإدخال هذا التحرّك في زواريب ومتاهات السياسة، معتمداً نظرية "ضربني وبكى، سبقني واشتكى"، مع تحويل القصة إلى مظلومية من هنا، وتعدّ من هناك، بدا بوضوح أن أوركسترا المنظومة المصدومة، لم تستطع لا بالطول ولا بالعرض، إرهاب الجسم القضائي، فانقلب السحر على الساحر، لتسير رياح رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود، بما لا تشتهيه سفن الخصوم، وكذلك نادي القضاة.

فكما كرة ثلج الهجوم، كذلك الخطوات التصعيدية التي قرّر القضاة السير بها، بشكلٍ تدريجي، بحسب مصادر حقوقية، من طلبات إجازة من دون راتب بحجّة العمل في الخارج، وصولاً إلى شلّ المحاكم بالكامل، في ظلّ الضغوط المُمارسة من سلطةٍ ، نجحت في إدخال "القضايا ذات الطابع الوطني"، في متاهات طلبات الردّ ودعاوى الإرتياب المشروع، وطلبات نقل ودعاوى معاداة الدولة، بهدف تعطيل مجرى العدالة في إطار حقّ يُراد به باطل.

المصادرُ المواكبةُ لتلك الحركة الإعتراضية، التي اتّخذت إطاراً أكثر تنظيماً مع اندلاع ثورة 17 تشرين، في محاكاةٍ للشعب المُنتفض، أكدت إصرار القضاة على الذهاب نحو مزيدٍ من التصعيد وصولاً إلى الإستقالة الجماعية، في حال عدم كفّ السلطة و"جماعتها" يدهم عن التدخّل في ما لا يعنيهم، خصوصاً محاولات إيجاد شرخٍ داخل الجسم القضائي ذاته، من خلال تمرّد البعض على قرارات مجلس القضاء الأعلى، فاستقلالية القضاء مكرّسةٌ سنداً لمبدأ فصل السلطات الوارد في مقدمة الدستور والمادة 20 منه وفي مواثيق الأمم المتحدة، إلاّ أن ذلك لن يتحقّق من دون ضمانات قانونية ومن دون ترسيخ ثقافةٍ، تتقبّل استقلال القضاء وإرساء الممارسات المنسجمة معها.

أكيدٌ أن لائحة الشرف تطول وتطول، بأولئك الذين انتصروا للحقّ والعدل، رافضين التسليم "بقضاء وقدر" "شقفة من دولة أو دويلة"، فإذا بالعميد حسين عبدالله، يحكم خلافاً لتوجّهات" ربعه" ، وبعده" إبن البيطار" شاغل حارة حريك ومالىء عين التينة، وقبلهم وبعدهم وبينهم العشرات ممّن استحقّوا القوس عرشاً والميزان سلاحاً والمطرقة سيفاً.

اذا كنت ترغب بمتابعة اخبار موقع " icon News" اضغط على الرابط التالي :

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

Whats up

Telegram