خرق نوعي بملف الترسيم... لبنان يعتمد الخط 29

خرق نوعي بملف الترسيم... لبنان يعتمد الخط 29

Whats up

Telegram

وأخيراً وبعد طول انتظار، ومن خارج الحسابات والتوقعات، ضرب لبنان بيده على الطاولة في ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، قال "الأمرُ لي" فتحوّلت الأوامر إلى توجيهات، ومن كان يُراهن على دفن الخطّ 29 واستبداله بالـ23، عليه أن يُعيد حساباته.

الخطوة اللبنانية تمثّلت برسالةٍ بُعثَ بها قبل أيام من قبل وزارة الخارجية إلى الأمم المتحدة بناءً على توجيهات من رئاسة الجمهورية وفق ما أشار مصدرٌ معني لـ"ليبانون ديبايت"، قال إن الرسالة اللبنانية تُعدّ الأولى من نوعها منذ عام 2011، والتي تمثّل إعلاناً رسمياً صريحاً بنقل التفاوض بشأن الحدود البحرية اللبنانية الجنوبية من الخطّ 23 إلى الخطّ 29، مع إبقاء سيف تعديل المرسوم رقم 6433 في حال المماطلة وعدم التوصّل إلى حلّ عادل.

 

الإلتفافة اللبنانية الصريحة من حيث أسلوب التعاطي مع الملف، جاءت رداً على رسالةٍ إسرائيلية بعثها مندوب دولة الإحتلال في الأمم المتحدة بتاريخ 23 كانون الأول الماضي، تضمّنت إعلاناً إسرائيلياً بسيادة الكيان العبري على المنطقة الواقعة ما بين الخطين 1 و 23 ، أي المنطقة التي يقول لبنان إن سيادتها تعود إليه، وجاءت بعد حملة "تخويف" كبيرة مورست على الشركات التي كان يُفترض أن تباشر عملها في التنقيب ضمن البلوك رقم 9 اللبناني.

وفي معلوماتٍ خاصة بـ"ليبانون ديبايت"، جاءت الرسالة ثمرة تعاون بين وزارت الدفاع والطاقة والمياه والخارجية، تحت عنوان "المحافظة على حقوق لبنان" بناءً على توجيهات من رئيس الجمهورية ميشال عون، الذي سبق له وأن أصدر عشية بدء جولات التفاوض غير المباشرة في الناقورة خلال شهر تشرين الأول 2020 في بيانٍ رسمي تكليف الوفد العسكري التقني المفاوض أن يبدأ مباحثاته إنطلاقاً من الخط 29.

وتضمّنت الرسالة التي أُرسلت قبل أيام عدة نقاطاً أساسية وبالغة الأهمية، أولاً، تذكيرٌ بالحجج القانونية التي سبق وعرضها الجانب اللبناني على طاولة المفاوضات غير المباشرة في الناقورة والتي تسمح له بتوسيع نشاطاته الإقتصادية جنوباً، في إشارةٍ واضحة إلى الخطّ 29 الذي اعتمدته قيادة الجيش كخطٍ حدودي شرعي للبنان بناءً على دراساتٍ دقيقة أجرتها مصلحة الهيدروغرافيا في المؤسسة العسكرية، وهذا الإعلان يمثّل انتقالةً نوعية في المفاهيم ناحية الأزمة الحدودية جنوباً، يتطابق وما صرّح به رئيس الجمهورية في 13 تشرين الأول 2020.

أمّا النقطة الثانية في هذه الرسالة، مثّلت إعلاناً لبنان رسمياً أن حقل كاريش متنازعٌ عليه، وهذا ينقل المنطقة المتنازع عليها من النقاط الواقعة ما بين الخطين 1 و 23 إلى المنطقة الواقعة ما بين الخطين 23 و 29 بزيادة تُقدّر بـ 1430 كلم2 بالإضافة إلى الـ860 كيلومتراً السابقة، وقد أبلغ في نص الرسالة إلى الأمم المتحدة، بأن لبنان يعترض على أية أعمال تنقيب ضمن المنطقة المُشار إليها، بما فيها حقل كاريش الذي بات رسمياً موضوعاً ضمن هذه المنطقة المُتنازع عليها. واعتبر الجانب اللبناني أن العمل في تلك المنطقة يعرّض السلم والأمن الدوليين إلى الخطر.

النقطة الثانية فتحت باباً على نقطةٍ ثالثة في هذه الرسالة، وطبقاً لاعتبار المنطقة الواقعة إلى جنوب الخطّ 23 "منطقةً مُتنازع عليها"، خوّل ذلك الدولة اللبنانية إبلاغ تحذيره إلى الشركات المنقّبة عن النفط في هذه المنطقة من مغبّة العمل والنشاط فيها، ممّا يعني أن تلك الشركات وعلى رأسها "إنرجين" اليونانية ومثيلاتها، باتت مُلزمة بإعادة حساباتها في ضوء الإعلان اللبناني. ووفق مصادر حقوقية، باتت الشركة وغيرها على علم بالإعلان اللبناني وبالتالي تتحمّل التبعات القانونية في حال متابعة أعمالها في حقل كاريش المُتنازع عليه.

ورغم إعلان لبنان في رسالته إلى الأمم المتحدة، بأنه ملتزمٌ بالعودة إلى طاولة المفاوضات غير المباشرة دون شروط مسبقة، وهذا يأتي بطبيعة الحال ربطاً ببيان رئيس الجمهورية عشية بدء الجولة الخامسة من المفاوضات غير المباشرة في الناقورة في شهر أيار الماضي، أكدّ لبنان في هذه الرسالة إحتفاظه بحقّه بتعديل حدود منطقته الإقتصادية الخالصة بالإستناد إلى المادة 3 من المرسوم 6433 المودع لدى الأمم المتحدة عام 2011 بحال المماطلة وفشل المفاوضات بالتوصل إلى حلّ عادل.

الآن ماذا يعني ما تقدم؟

يمثّل ما تقدّم، وثيقةً رسمية توازي بقوتها النصّ المقترح لتعديل المرسوم 6433 المودع لدى الأمم المتحدة عام 2011، وبالتالي حفظ لبنان حقّه في المنطقة التي تمتدّ إلى الخطّ 29 لحين التوصل إلى حلّ عادل أو تعديل المرسوم 6433/2011 وهذا إنجاز نوعي يُسجّل للقيمين عليه.

إن الخطّ 23 والذي يحتشد خلفه ثلة من أصحاب المصالح على الجانب اللبناني و "المقامرون" مع الأميركيين، أصبح من الماضي، وعاد الخطّ 29 ليتسيّد المشهد، وهذا يخالف ادّعاء البعض بأن الخطّ المذكور لم يكن سوى "خطّ من أجل تعزيز التفاوض ولم يكن خطاً جدياً" بدليل اعتماده رسمياً من الجانب اللبناني كحقّ شرعي وفقاً للقوانين الدولية وكمنطلقٍ لبدء التفاوض.

الإلتفافة أعلاه، ووفق مصادر مطلعة على الملف، جاء من خارج حسابات جميع الأطراف العاملة على القضية ومثّل إنزالاً نوعياً من خلف خطوط الإشتباك الطبيعية.

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

Whats up

Telegram