بعد "تفجير" الخيْط الرفيع مع الخليج.. "حبْس أنفاس" في لبنان

بعد

Whats up

Telegram

بدا واضحاً من الردّ «الفوري والمباشر» الذي تولاه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على الحملة العدائية التي تجاوزت كل الخطوط الحمر في مخاطبة نصر الله المملكة وقيادتها وتوجيه سيْل من الاتهامات بحقها، ثم الموقف «المحسوب» لرئيس الجمهورية ميشال عون، أن الأمين العام لـ «حزب الله» باغت الوسط السياسي اللبناني باندفاعةٍ جاءت أقرب إلى «الكمين» الذي فرض نفسه على جميع الأطراف والمسؤولين، في لحظةٍ أحوج ما تكون فيها البلاد إلى نزْع ألغام، هي التي تسير فوق «براميل بارود» الوضع المالي وانهياراته المتوالية التي سرّعت وتيرة الهبوط التاريخي اليومي لليرة أمام الدولار الذي لامس أمس للمرة الأولى 30 ألفاً، وهو الحاجز الذي يُخشى أن لا يعود بعده سقفٌ لانسحاق العملة الوطنية، كما جاء في "الراي" الكويتية.

ورغم الأبعاد الاقليمية التي أُعطيتْ للهجوم على المملكة الذي شنّه نصرالله، سواء ذات الصلة بمفاوضات النووي الإيرامي أو تطورات الوضع في اليمن وغيرها من ساحات «قوس النفوذ» الإيراني، فإن أوساطاً سياسية لم تُسْقِط من الحساب العناصر اللبنانية في اندفاعة الأمين العام لـ «حزب الله» التي بدا أنها تنطوي على رسائل برسْم الحلفاء والخصوم، فيها «استصغارٌ» مزدوج: أولاً لاستحضار عنوان سلاحه تحت مسمى الاستراتيجية الدفاعية على خلفية «زكزكةٍ» تتصل بالخلاف «على الحزب وليس معه» بين حليفه الرئيس عون وفريقه (التيار الوطني الحر) وبين شريكه في الثنائية الشيعية الرئيس نبيه بري.

وثانياً لطرْح ميقاتي مسألة السياسة الخارجية والنأي بالنفس والدفاع عن علاقات لبنان مع دول الخليج والتي بات لمعاودة الدفء إليها إطارٌ ناظم صارم قوامه مثلث القرارات الدولية 1559 و1680 و1701.

ولاحظت هذه الأوساط أن تَصَدُّر ميقاتي جبهة الرفض لـ «مغامرة» نصر الله ببيانٍ عاجِل وتوجُّهه إلى قيادة «حزب الله» التي اتخذت مواقف «ًتسيء الى اللبنانيين اولاً والى علاقات بلدنا مع أشقائه ثانياً، ولا تمثّل الحكومة والشريحة الأوسع من اللبنانيين وتخالف نداءاتنا لأن يكون الحزب جزءاً من الحالة اللبنانية المتنوعة ولبنانيّ الانتماء»، تؤشّر لإدراك رئيس الوزراء أن مواقف نصر الله لن تمرّ لدى المملكة التي كانت تركت «ثقباً» لميقاتي للنفاذ منه نحو تصويب بوصلة تموْضع «بلاد الأرز» ومنع «النشاطات الإرهابية لـ حزب الله»، وفق ما جاء في بيان القمة الخليجية الأخيرة، قبل أن يوجّه تحالف دعم الشرعية في اليمن «مضطبة الاتهام» له بالانخراط في رفْد الحوثيين بأدوات استهداف المملكة، ثم حض خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز القادة اللبنانيين على وقف «هيمنة حزب الله الارهابي على مفاصل الدولة».

وتنشدّ الأنظار في ضوء ذلك إلى أمرين:

• تداعيات مواقف نصر الله التي بدا أنها «حرقت مراكب» لبنان الرسمي في محاولات احتواء العاصفة الديبلوماسية التي تشتدّ وتخفت منذ نحو شهرين مع الخليج، وخصوصاً على زيارة وزير خارجية الكويت أحمد الناصر لبيروت هذا الشهر وهل بإمكان رئيس الديبلوماسية الكويتية أن يمضي بهذه الزيارة على وهج ما ارتكبه الأمين العام لـ «حزب الله» بحق المملكة.

وقد اعتبرت الأوساط السياسية نفسها أن موقف الرئيس عون أمس الذي أكد «الحرص على علاقات لبنان العربية والدولية لاسيما مع دول الخليج وفي مقدمها السعودية» شكّل مؤشراً بدوره إلى تَلَمُّس لبنان الرسمي الإشارات السبّاقة، لِما يشي بأن يكون خطوة زاجرة جديدة، عبّرتْ عنها مواقف عدة لناشطين وإعلاميين وشخصيات سعودية، وخصوصاً تغريدة السفير وليد بخاري الذي شبّه نصر الله بشخصية يُرمز إليها بـ«الخيانة» في أوساط العرب، فكتب: «افتراءات أَبي رِغَال العَصْر وأكاذيبه لا يسترها اللَّيل وإن طال ولا مغيب الشَّمس ولو حُرمت الشُّروق والزَّوال..!».

على أن هذه الأوساط استوقفها أيضاً كلام عون عن «أن هذا الحرص يجب ان يكون متبادَلاً لأنه من مصلحة لبنان ودول الخليج على حد سواء»، وهو ما جرى التعاطي معه على أنه موقف حمّال أوجه، وفي الوقت نفسه يجافي أنه في «ميزان المصالح» فإن لبنان المنكوب والمنحرف نحو المحور الإيراني بات خارج «سباق المصالح» بعدما خرج عن نظام المصلحة العربية، وسط اعتبار الأوساط أن المسؤولين في بيروت ما زالوا في حال إنكارٍ للأضرار «غير القابلة للإصلاح» التي تَسبَّب بها الانسلاخ عن الحضن العربي وترْك الموازين الداخلية تختلّ لدرجةِ شبه اقتناع بأن «the game is over» إما بفعل الواقعية المفرطة التي ركن إليها خصوم حزب الله وإما نتيجة اعتماد الحزب مختلف «أساليب اللعب معهم».

• والثاني أن موقف ميقاتي رداً على نصرالله قوبل بردّ عنيف من «حزب الله» على ما وصفه بـ «الخطأ الفادح» لرئيس الحكومة، بما عَكَس أن الوضع الداخلي المرتهَن لأزمة حكومية مفتوحة منذ نحو 3 أشهر ولـ «حروب صغيرة» بين عون وبري مرشّح لمزيد من التعقيدات التي ستجعل «حزب الله» يعتمد مساراً متوازياً: أوله التشدُّد أكثر في مقاربته مرتكزات إصراره (مع بري) على «الحل الوحيد» لقضية المحقق العدلي بانفجار مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار «إقصاءً أو كفاً ليده عن ملاحقة السياسيين أو لا اجتماعات للحكومة».

وثانيه تبريد «حرب الحليفين» التي بلغت حدّ تبادُل تحدّي «المحاكمة العلنية (حول ملفات فساد) واستقالة رئيسٍ (بري) مقابل رئيسين (عون والنائب جبران باسيل)، وهو ما عبّر عنه كلام نصر الله عن "أننا حريصون على حلفائنا وأصدقائنا وعلاقاتنا"، مشيراً إلى أنه في ما تطرق إليه باسيل أخيراً "مسائل تحتاج إلى توضيح ومصارحة، ومتمسكون بورقة التفاهم مع التيار الحر، وجاهزون لتطويره".

 

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

Whats up

Telegram